القوى العاملة الرقمية الماهرة والقادرة على التكيف ركيزة جوهرية لتمكين خطط التحول الوطنية في دول مجلس التعاون الخليجي

الإثنين 02 أكتوبر 2017
علي مطر، عائشة بن بشر وسامر بحصلي
دبي - مينا هيرالد:

أبرزت دراسة مشتركة أجراها مركز الفكر بشركة ستراتيجي&، (بوز أند كومباني سابقا) جزء من شبكة PwC، بالشراكة مع لينكدإن، أنه على دول مجلس التعاون الخليجي الارتقاء بمستوى الفعالية الاقتصادية بالاعتماد على الرقمنة سعيًا لتحقيق خططها الوطنية الطموحة. ولذلك، فهي تحتاج إلى بناء قوى عاملة رقمية ماهرة وقادرة على التكيف.

ووفقًا للتقرير الصادر بعنوان ”تمكين القوى العاملة الرقمية في دول مجلس التعاون الخليجي: بناء مهارات قادرة على التكيف في العصر الرقمي“، تُعد نسبة الوظائف الرقمية من إجمالي القوى العاملة في دول مجلس التعاون الخليجي منخفضة مقارنة بدول العالم. وفي الوقت الحاضر، لا تُمثل الوظائف الرقمية سوى 1.7% من إجمالي القوى العاملة في دول مجلس التعاون الخليجي، مقارنة بنسبة 5.4% من إجمالي القوى العاملة في الاتحاد الأوروبي التي تعمل في وظائف مماثلة. والواقع أن معظم مواطني دول مجلس التعاون الخليجي يعملون في قطاعات مهددة بالتعطيل بسبب التقنيات الرقمية الجديدة. وللتغلب على ذلك، ينبغي على دول مجلس التعاون الخليجي أن تعمل على خلق وظائف رقمية، سواءً داخل قطاع الاتصالات وتقنية المعلومات أو خارجه.

وتعليقًا على البحث، أفاد علي مطر رئيس حلول المواهب في لينكدإن لأسواق النمو، والشرق الأوسط وشمال إفريقيا ”قمنا في تحليلنا بمطابقة مهارات المحترفين الرقميين مع متطلبات الوظائف في القطاعات الرقمية ذات الصلة على منصة لينكد إن. وكانت النتيجة أن مهارة واحدة فقط من المهارات العشرة التي يتميز بها المحترفون الرقميون في دول مجلس التعاون الخليجي تتطابق مع المهارات الرقمية الأسرع نموًا عالميًا على منصة لينكدإن. وعلى الرغم من وجود اتجاه إقليمي نحو اكتساب المزيد من المهارات التقنية، إلا أن المهارات ذات العلاقة بالتقنيات الناشئة تظل نادرة مثل البيانات الضخمة والتحليلات“.

وتتركز المهارات الأكثر نموًا بين المحترفين الرقميين في دول مجلس التعاون الخليجي على مبيعات التقنية وتوزيعها، في حين تتعلق المهارات الأكثر نموًا على الصعيد العالمي بتطوير المنتجات. ويُعزى عدم التوافق بين بيئة العمل الرقمية الإقليمية وبين نظيرتها العالمية إلى عدم تطور سوق العمل الرقمي.

يواجه سوق العمل الرقمي في دول مجلس التعاون الخليجي تحديات على جانبي العرض والطلب. فمن منظور توفير الكفاءات الرقمية، لا يواكب نظام التعليم في دول مجلس التعاون الخليجي التطورات التقنية، أو يوفر مستوى كافٍ من تعليم الاتصالات وتقنية المعلومات. وفي الواقع، أكمل 93% من المحترفين الرقميين في المنطقة المدرجين على منصة لينكدإن تعليمهم الجامعي في الخارج، ولا يُتاح لهم فرص التطوير المهني الكافية. علاوةً على ذلك، يُبدي الطلاب الجامعيون في دول مجلس التعاون الخليجي، لاسيما المواطنين، اهتمامًا ضئيلاً بالمهن الرقمية نظرًا للوعي المحدود بما تقدمه هذه المهن، وتفضيلهم لوظائف يرونها أكثر استقرارًا في القطاعات التقليدية.

ومن حيث الطلب، هناك مستويات منخفضة من الرقمنة في المنطقة، فعلى سبيل المثال، تستخدم 18% فقط من الشركات تقنية الحوسبة السحابية، مما يُقيد فرص العمل للمحترفين الرقميين على الصعيد المحلي. كما أن قطاع الاتصالات وتقنية المعلومات في دول مجلس التعاون الخليجي غير متطور، ويُركز على استهلاك التقنية بدلاً من إنتاجها.

يوفر تطوير القوى العاملة الرقمية في المنطقة منافع كبيرة. وفي هذا الصدد، أفادت ميليسا رزق، عضو في مركز الفكر، وهو المركز البحثي في ستراتيجي& الشرق الأوسط، ”إن الوظائف الرقمية أكثر قابلية للتكيف في مواجهة الابتكار التقني، ويمكن أن تدعم ثقافة عمل أكثر مرونة مما يسمح بالعمل الحر والعمل عن بعد، وهو نموذج يُشجع على زيادة مشاركة المرأة والشباب غير المنتجين“. وفي الواقع، بمقدور سوق العمل الرقمي المتطور خلق 1.3 مليون وظيفة إضافية في دول مجلس التعاون الخليجي بحلول عام 2025، بما يشمل 700.000 في المملكة العربية السعودية وحدها.

ستحتاج دول مجلس التعاون الخليجي، من أجل بناء قوى عاملة رقمية ماهرة، إلى تركيز جهودها على تطوير المهارات الرقمية داخل الأوساط الأكاديمية من خلال التركيز على مناهج العلوم والتقنية والهندسة والرياضيات في المدارس، وتدريب المعلمين على استخدام المزيد من الأدوات الرقمية في تقديم المناهج الدراسية. ومما له نفس القدر من الأهمية تعزيز فرص التطوير المهني، بما يشمل تخصصات الدراسات العليا وبرامج التدريب الداخلي للطلاب الماهرين في المجالات الرقمية، إضافةً إلى برامج التدريب التي تقدمها الشركات. وهذا من شأنه مساعدة المحترفين الرقميين على اكتساب المهارات التي يحتاجونها لزيادة فرصهم في التوظيف.

علاوةً على ذلك، ينبغي تحفيز مواطني دول مجلس التعاون الخليجي، بدءًا من سن مبكرة، لاستكشاف المهن الرقمية، وهذا يمكن تحقيقه من خلال حملات التوعية في المدارس والجامعات، بالإضافة إلى المسابقات، والهاكثونات (فعاليات البرمجة)، ومخيمات التدريب.

ويتعين على دول مجلس التعاون الخليجي، لزيادة الطلب على هذه الوظائف، أن تُحفز زيادة الرقمنة، والهدف من ذلك هو حث المؤسسات على استخدام المزيد من التقنيات الناشئة واعتماد استراتيجيات رقمية لتحويل نماذج أعمالها. كما يجب إعطاء الأولوية لتحفيز الابتكار والإنتاج في الاقتصاد الرقمي، ويمكن تشجيع ذلك بجعل المنطقة بيئة جذابة لشركات الاتصالات وتقنية المعلومات لتحقيق الازدهار فيها. كذلك تحتاج المنطقة إلى استعراض منهجها الكامل تجاه الشركات الناشئة، وضمان ازدهار ريادة الأعمال الرقمية واستقطابها لمزيد من المحترفين المهرة.

واختتم سامر بحصلي، شريك في ستراتيجي& ورئيس قطاع الأعمال الرقمية والتقنية ومنصة الرقمنة بمنطقة الشرق الأوسط، ”تحتاج حكومات دول مجلس التعاون الخليجي إلى صقل مهارات القوى العاملة باستمرار لاستيعاب أحدث التقنيات في ظل تطور القطاع الرقمي بشكل دائم بفضل التقنيات الجديدة الناشئة التي تعيد تحديد آلية تنفيذ الأعمال، وهي حالة ليست سائدة في الوظائف التقليدية. ومما لا شك فيه أن خلق قوى عاملة رقمية من المتعلمين المستمرين هو ركيزة لدفع نجاح خطط التحول الوطنية“.

وفيما يلي بعض النتائج الأخرى التي خلُص إليها التقرير:

  • اتفق تقرير لينكدإن وستراتيجي& مع المدخلات المُستخلصة من تقرير المنتدى الاقتصادي العالمي بعنوان ”مستقبل الوظائف“، على أن نسبة عالية للغاية من مواطني دول مجلس التعاون الخليجي يعملون الآن في قطاعات معرضة بشدة لخطر التعطيل بسبب التقنيات الرقمية الجديدة، ولاسيما الوظائف في مجال الخدمات المهنية والإدارة العامة
  • إذا وصلت المنطقة بحلول عام 2025 إلى نفس النسبة من الوظائف الرقمية التي حققها الاتحاد الأوروبي في الوقت الحاضر، حينئذ يمكن خلق ما يقرب من 1.3 مليون وظيفة جديدة
  • يتزايد العمل الحر في جميع أنحاء العالم المتقدم، مدفوعًا بعصر رقمي يمنح الأفراد قدرة أكبر على تصميم الإيقاع والجدول الزمني لحياتهم العملية. وهناك حوالي 3.9 مليون امرأة وشاب غير منتجين في دول مجلس التعاون الخليجي، يُمكن لبعضهم الاستفادة من العمل الحر الرقمي
  • لا يملك المحترفون الرقميون في دول مجلس التعاون الخليجي المهارات الرقمية الأكثر طلبًا من جانب أصحاب العمل في جميع القطاعات مثل التحليل الإحصائي، واستخراج البيانات، وتصميم الخوارزميات، وبنية الإنترنت
  • يفضل معظم الشباب الخليجي العمل التقليدي في القطاع العام في بلادهم لأنه يوفر لهم الأمن الوظيفي والرواتب العالية. وبالفعل، ووفقًا لاستبيان أُجري في عام 2016، يُفضل أكثر من ثلثي الشباب في دول مجلس التعاون الخليجي (70%) وظائف القطاع العام عن وظائف القطاع الخاص

أخبار مرتبطة