ينبغي على شركات النفط الوطنية تبني نهج متكامل لإدارة قطاع النفط والغاز لتعزيز القيمة الاقتصادية

الثلاثاء 18 سبتمبر 2018
جورج شحادة الشريك في استراتيجي أند الشرق الأوسط
دبي - مينا هيرالد:

أشارت إحدى الدراسات الصادرة حديثًا عن شركة الاستشارات الإدارية استراتيجي أند الشرق الأوسط (بوز أند كومباني سابقًا)، وهي إحدى الشركات التابعة لشبكة بي دبليو سي، إلى أنه ينبغي على شركات النفط الوطنية تبني نهج شامل لإدارة سلسلة القيمة في قطاع النفط والغاز بما يؤدي إلى دفع التنمية الاقتصادية، حيث تقود التقلبات الأخيرة في أسعار النفط مصحوبةً بحالة عد اليقين السائدة في أسواق النفط والغاز العالمية إلى فرض ضغوط على شركات النفط الوطنية تحتم عليها تعظيم القيمة الإجمالية للموارد الهيدروكربونية من خلال تبني سياسة متكاملة لإدارة محفظة عملياتها.

كما اشارت الدراسة إلى أن شركات النفط الوطنية قد قامت على مستوى مراحل النضج المختلفة بتطوير عمليات إنتاج النفط والغاز، وعمليات التصفية، ومحافظ المنتجات البتروكيماوية عبر تقسيمها إلى سلسلة من الأصول والشركات شبه المستقلة. إلا أنه نظرًا لازدياد حالة عدم اليقين في السوقي، والضغط الناتج عن ضرورة تحقيق التوافق مع الأهداف الوطنية الأوسع نطاقًا، فإن شركات النفط الوطنية تواجه تحديًا يتمثل في ضرورة نقل محور تركيزها من العناصر المنفصلة إلى منهج الإدارة المتكاملة لمحفظة الأعمال، وهو ما يفرض عليها التغلب على مجموعة من المعوقات التي غالبًا ما تنطوي عليها أساليب العمل القديمة ومن بينها:

  • التشتت، أو عدم اكتمال، أو عدم اتساق البيانات
  • التنوع وعدم وجود أدوات ونظم موحدة للتخطيط وإدارة محافظ الأعمال
  • القوالب التنظيمية الصلبة التي تركز على وحدة تنظيمية واحدة بدلًا من التركيز على الشركة ككل
  • مقاييس الأداء الرئيسية التي تحفز العمليات التشغيلية ضمن جهة تنظيمية واحدة فقط
  • القدرات المحدودة لمعالجة المشكلات على مستوى وحدات تنظيمية ووظائف متعددة
  • الثقافة والسلوكيات غير المشجعة على التعاون

وقد علق جورج شحادة الشريك في استراتيجي أند الشرق الأوسط على التحديات الماثلة أمام شركات النفط الوطنية قائلًا: "تزداد المسؤولية الملقاة على كاهل شركات النفط الوطنية، حيث تتجاوز مجرد قدرتها على تحقيق الأرباح، وتمتد لتشمل مساندة جهود التنمية الأوسع نطاقًا للاقتصاد غير النفطي واستحداث الوظائف. وعليه، فإن نموذج الأصول التشغيلية شبه المستقلة والمدارة بصورة أساسية لتحقيق مستهدفات الإنتاج والمخرجات الطموحة قد تسهم في إحداث تغييرات إيجابية"

وفي منطقة مجلس التعاون الخليجي على سبيل المثال، شرعت شركات النفط الوطنية الناضجة في أبوظبي وقطر في دمج مشروعاتها المشتركة المستقلة، بينما كانت الحاجة إلى تحسين استغلال رأس المال هي أحد العوامل الكامنة وراء الخصخصة الجزئية للعمليات التشغيلية غير الأساسية في أبوظبي والمملكة العربية السعودية.

ويسلط التقرير الصادر عن استراتيجي أند الشرق الأوسط الضوء على إجراءين متكاملين لمساعدة شركات النفط الوطنية في التغلب على المعوقات التي تواجه الإدارة المتكاملة لمحافظ الأعمال:

1- بناء قدرة متكاملة للتخطيط وتوزيع رأس المال:

تمثل الأهداف الاستراتيجية لشركة النفط الوطنية نقطة الانطلاق والعامل الرئيسي المحرك لهذا المنهج، بالإضافة إلى الدور الواضح لكل عنصر في سلسلة القيمة في مساندة هذه الأهداف الاستراتيجية. ويأتي هذا المنهج على النقيض من سياسات التخطيط النمطية المتبعة في شركات النفط الوطنية، والتي غالبًا ما تركز على الاحتياجات التشغيلية للأصول. ومع تطبيق منهج للتخطيط الشامل، فإن الموارد المالية والتشغيلية سيتم توزيعها بناءً على الأولوية – بدلًا من التوزيع بناءً على الاحتياجات التشغيلية التصاعدية – من حيث الأصول والأنشطة التي تساند تحقيق الأهداف الاستراتيجية بأفضل صورة ممكنة.

وعلّق جيمس توماس الشريك في استراتيجي أند الشرق الأوسط على هذه المسألة قائلًا: "تنطوي استراتيجيات شركات النفط الوطنية على تحقيق التوازن بين الأهداف والبدائل المتعددة، ولاسيما بين النموّ والربحية. وبناءً عليه، فإن المقاييس المدرجة ضمن منهج التخطيط المتكامل غالبًا ما تستند إلى الكفاءة التشغيلية والرأسمالية بدلًا من مستهدفات الإنتاجية أو الطاقة التنازلية المعلن عنها في الأساس، وهو ما يسفر عن وجود مستهدفات واقعية وقابلة للتحقيق، ويُشكّل قاعدة صلبة لمتابعة الأداء المؤسسي"

2- وضع نماذج جديدة لتقييم البدائل المتاحة لتحسين العمليات التشغيلية على مستوى سلسلة القيمة

تنطلق عملية إعداد نموذج تحسين سلسلة القيمة من وضع خريطة لتوزيع الشبكة المادية للبنية التحتية، والتدفقات الفعلية والمخططة للنفط والغاز والمنتجات الأخرى على مستوى الشبكة. بينما تتمثل الخطوة الثانية في تحديد النقاط الأساسية حيث توجد خيارات بديلة لتوزيع المنتجات الهيدروكربونية أو تكون هذه الخيارات ذات جدوى، مثل تخصيص النفط الخام للتصفية محليًا أو للتصدير. وتتمثل الخطوة الثالثة في تحويل الشبكة إلى نموذج رقمي يتضمن جميع المعلومات الأساسية المطلوبة لتطوير السيناريوهات واختبار أثر السيناريوهات المختلفة على محفظة الأعمال.

واختتم ديفيد برانسون المستشار التنفيذي في استراتيجي أند الشرق الأوسط هذا الحوار قائلًا: "شركات النفط الوطنية بحاجة إلى نماذج جديدة لسلسلة القيمة المتكاملة لقطاع النفط والغاز لتحديد الصعوبات ومجالات عدم التوافق، مع التقييم والتحديد الكمي للبدائل الاستراتيجية لتوزيع النفط والغاز بناءً على الاستخدامات النهائية المتنافسة"

وتجدر الإشارة إلى أن العديد من المسائل الاستراتيجية الأكثر إلحاحًا بالنسبة لشركات النفط الوطنية تمتد على مستوى التقسيمات التنظيمية، وتنطوي على قرارات وبدائل ممتدة على مستوى سلسلة القيمة، وبالتالي فلا يمكن تقييمها باستخدام منهج التخطيط التقليدي. فضلًا عن هذا، فإن المزايا المحققة من تبني منهج متكامل لإدارة قطاع النفط والغاز ليست أمرًا أساسيًا فقط بالنسبة للأداء المالي لشركات النفط الوطنية، ولكنها محورية أيضًا لتحقيق الأهداف الوطنية الأوسع نطاقًا.

أخبار مرتبطة