165 مليار دولار وفورات في النفقات الرأسمالية يمكن تحقيقها حتى 2021 عبر زيادة مشاركة القطاع الخاص في اقتصاديات دول الخليج

الإثنين 30 يناير 2017
كريم علي، الشريك في "ستراتيجي&" في دبي

دبي - مينا هيرالد: بإمكان دول مجلس التعاون الخليجي توفير 165 مليار دولار في النفقات الرأسمالية حتى العام 2021 في حال استطاعت زيادة مشاركة القطاع الخاص في اقتصاداتها، وذلك وفق دراسة حديثة أجراها "مركز الفكر"، المؤسسة الفكرية الرائدة في شركة "ستراتيجي&" المعروفة سابقاً بـ (بوز أند كومباني). ويمكن لهذه الدول أيضًا تحقيق 114 مليار دولار على شكل إيرادات من مبيعات الأصول المرافق العامة والمطارات، وما يصل إلى 287 مليار دولار من بيع أسهم في شركات مساهمة عامة. وتستطيع دول مجلس التعاون الخليجي أيضًا تضييق فجوة الابتكار مع البلدان الأخرى، وتعزيز تقديم الخدمات العامة، إلى جانب تحسين بنيتها التحتية.
وفي حال رفع مستوى مشاركة القطاع الخاص، يمكن لهذه الدول تحقيق الكفاءة التشغيلية من 10 إلى 20 في المئة، وخفض العجز في الميزانية الحكومية. ويمكن للمشاركة الأعلى أن تساعد أيضًا دول مجلس التعاون الخليجي على تقليل فجوة الابتكار مع البلدان الأخرى. وخلال الفترة من العام 2013 و 2015، جاء 70 في المئة من الابتكارات العالمية من القطاع الخاص، مقابل 13 في المئة من القطاع غير الربحي، و 8٪ فقط من القطاع العام.
وفي الآونة الأخيرة، تواجه دول مجلس التعاون الخليجي بعض التحديات طويلة المدى لاستدامة اقتصاداتها بسبب الاعتماد الكبير على النفط في الإيرادات الحكومية (73 في المئة من العائدات و 82 في المئة من الصادرات ترتبط بالنفط)، كما أن انعدام التنوع والمهارات في القوى العاملة يخلق أسواق عمل غير متوازنة (على سبيل المثال في المملكة العربية السعودية، لا تشارك 78 في المئة من النساء في القوة العاملة، كما أن 54 في المئة من القوة العاملة تكون أساسًا من الأجانب)، والحاجة المتزايدة للاستثمار في الخدمات العامة، مثل الرعاية الصحية والبنية التحتية والتعليم (على سبيل المثال، تستثمر الإمارات 300 مليار دولار في البنية التحتية حتى العام 2030)، ونظام اقتصادي غير متطور للابتكار، علمًا بأن ذلك يعدّ المحرك الرئيسي للقدرة التنافسية الوطنية.
إن زيادة مشاركة القطاع الخاص من خلال إقامة شراكات بين القطاعين العام والخاص، وخصخصة الأصول الحكومية، تمثل الحل الامثل لهذه التحديات، كما تقترح "ستراتيجي&". وتفتقر معظم دول مجلس التعاون الخليجي إلى سياسة مخصصة وإطار قانوني وبنية مؤسسية فعالة لمشاركة القطاع الخاص، على الرغم من أن الكثيرين يدركون أهميتها، فضلاً عن إدراجها في الخطط الوطنية، بما في ذلك الكويت ودبي وعمان والبحرين.
وناقش سالم غزالي، الشريك في "ستراتيجي&" في بيروت، النهج المعتمدة سابقا لمشاركة القطاع الخاص، وكيف يمكن للبلدان أن تتعلم منها اليوم: "كانت مشاركة القطاع الخاص السابقة في دول مجلس التعاون الخليجي تتم على أساس غير منظم، وفي معظم الحالات من دون التزام قوي من أصحاب المصلحة (يعزى ذلك في جانب كبير منه إلى ارتفاع أسعار النفط). ومع ذلك، نشهد في الوقت الحالي نهجًا جادًا ومنظمًا لمشاركة القطاع الخاص بدعم من برامج وطنية واضحة المعالم، مع وجود الأطر القانونية والتنظيمية المناسبة، والنماذج المؤسسية التي تعد الأفضل في فئتها. وإذا ما نفذت بشكل صحيح، يمكن لهذه البرامج أن تحقق فوائد كبيرة للمنطقة، بما في ذلك زيادة خلق فرص العمل، وتعزيز جودة الخدمات، وتوطين الصناعات بشكل أسرع، وتحسين الابتكار، وتشجيع الاستثمار الأجنبي المباشر وترشيد الإنفاق الحكومي".
وللاستفادة من هذه الفوائد على أرض الواقع، تحتاج حكومات دول مجلس التعاون إلى نهج صارم وشامل ومحدد بوضوح تام لمشاركة القطاع الخاص، إضافة إلى خطة تنفيذ على المدى الطويل تشمل جميع القطاعات الاقتصادية. وتقترح "ستراتيجي&" ثلاثة عناصر أساسية لضمان نجاح هذه المشاركة، وهي: (1) وضع سياسة عامة تحكم مشاركة القطاع الخاص، (2) دعم ذلك من خلال إطار قانوني، و (3) تطوير بنية مؤسسية مخصصة لقيادة مشاركة القطاع الخاص في البلاد.
وتوضح سياسة مشاركة القطاع الخاص أهداف الحكومة فيما يتعلق بهذه المشاركة، وموالفتها مع السياسات الوطنية الأوسع في البلاد، لضمان عملية أكثر تنظيمًا. أما الإطار القانوني فيشمل القوانين الجديدة أو إدخال التعديلات على القوانين القائمة لتسهيل أنشطة المشاركة، وزيادة الشفافية، وتوضيح أدوار جميع الأطراف المعنية. ويعتمد مستوى عمق الإطار القانوني للمشاركة على القوانين والأنظمة القائمة، ولكن في دول مجلس التعاون الخليجي عامة ينبغي تجنب الأطر القانونية الصارمة للغاية. ثالثًا، من شأن وجود الإطار المؤسسي مع الحوكمة الواضحة أن يسهل تنفيذ عمليات وآليات المشاركة. وفي كثير من الحالات، يتطلب هذا إنشاء وحدات جديدة، مثل وحدات الشراكة بين القطاعين الخاص والعام، أو وحدات الخصخصة التي تعمل على جسر الفجوات القائمة داخل الحكومة. وتتراوح أدوار هذه الوحدات من تعزيز الشراكات بين القطاعين العام والمستثمرين، وصولاً إلى توجيه سياسات وخطط الشراكة بين القطاعين العام والخاص من أجل توفير الدعم التقني للمشاريع.
وقال هلال حلاوة، الشريك المسؤول عن قيادة قسم القطاع العام في "ستراتيجي&" بمنطقة الشرق الأوسط: "ستؤدي شراكة القطاع الخاص إلى تمكين دول مجلس التعاون الخليجي من إعادة تركيز جهودها على المهام الأساسية للحكومة، وهو ما يعني أن تصبح "صالح أكثر للخدمة" (أي أن تصبح أكثر فعالية من حيث الكلفة، وأفضل جاهزية لتلبية احتياجات الهيئات المشاركة في هذه العملية). ويمكنها أن تركز على عدد أقل من المهام الأكثر أهمية، مثل بذل المزيد من الجهد وتوفير الموارد للتأثير على تحقيق الأهداف المهمة. وبدلاً من أن تكون جهة لتوفير الخدمات والتوظيف، على سبيل المثال، يمكن للجهات الحكومية إعادة التركيز على دورها لتلعب دور الوساطة والتنظيم".
واختتم كريم علي، الشريك في "ستراتيجي&" في دبي قائلاً : "ستعمل الخطة الطويلة والشاملة لزيادة مشاركة القطاع الخاص على تحقيق عوائد أكبر لدول مجلس التعاون الخليجي على المدى البعيد. وإذا تمكنت دول مجلس التعاون الخليجي من تطوير وإطلاق وتنفيذ مثل هذا البرنامج لمشاركة القطاع الخاص بنجاح ، فإنها ستتمكن من تحقيق التحول المنشود في اقتصاداتها. وإن زيادة حجم ومشاركة وقدرات القطاع الخاص، من خلال السماح له بالمشاركة الأوسع في الاقتصاد، سيؤدي إلى خفض العبء المالي على الاقتصاد، وسيؤدي أيضًا إلى تحسين مهارات القوى العاملة، مع التأسيس لاقتصاد يقوم على قاعدة أوسع وأقل عرضة لتقلبات أسعار السلع الأساسية. وبالإضافة إلى ذلك، فإن برنامج مشاركة القطاع الخاص القائمة على التخطيط الجيد يسمح لحكومات دول مجلس التعاون الخليجي تعزيز تقديم الخدمات الحكومية وتحسين البنية التحتية، وهو حل مثالي من جميع النواحي لحكومات دول مجلس التعاون الخليجي".

أخبار مرتبطة