"اقتصادية دبي" : الانفتاح والتنوع الاقتصادي عوامل تعزز نمو دبي في 2018

الأربعاء 10 يناير 2018
دبي - مينا هيرالد:

أكدت دائرة التنمية الاقتصادية بدبي أن إمارة دبي تتمتع بدرجة عالية من الانفتاح والتنوع الاقتصادي، وسيعزز هذا الأمر من نموها في عام 2018 وما بعده، طالما استمر التعافي في التجارة العالمية، متوقعة بذلك ارتفاع نموها إلى المعدل 3.5 % في عام 2018، نتيجة للتأثير الإيجابي للاتجاهات الاقتصادية العالمية، ومن بينها نسب النمو الأعلى في معظم الاقتصادات المتقدمة، جاء ذلك في تقرير الآفاق الاقتصادية لإمارة دبي الذي أطلقته على هامش ملتقى الإمارات للآفاق الاقتصادية في دورته الخامسة. ويسرد التقرير الصادر عن اقتصادية دبي التطوّرات الحاصلة في اقتصاد دبي على مدار 2017 واستشراف المستقبل لعام 2018. ويستهل هذا الإصدار باستعراض أبرز التطورات في اقتصاد دبي على المستويين الكلي والقطاعي، ثم يتناول بشكل مفصل آفاق اقتصاد دبي في عام 2018.

ويناقش تقرير الآفاق الاقتصادية لإمارة دبي في مقدمته مدى ارتباط امارة دبي بالاقتصاد العالمي من حيث الانفتاح التجاري والاستثمار الاجنبي المباشر واتجاهات نمو الاقتصاد العالمي والإقليمي. ويستعرض التقرير اقتصاد دبي على مدار عامي 2016 و2017 من حيث الاقتصاد الكلي "نصيب الفرد من الناتج المحلي الاجمالي، والمالية العامة، والسياسة النقدية، والتضخم"، إلى جانب التطورات القطاعية في تجارة الجملة والتجزئة والنقل والتخزين وقطاع المصارف والصناعات التحويلية وقطاع العقارات والتشييد وقطاع الضيافة.

ويظهر التقرير في طياته، آفاق اقتصاد دبي والتوقعات الاقتصادية في عام 2018، والعوامل الرئيسية المؤثرة على مستقبل النمو، في وأبرزها -استضافة معرض إكسبو 2020، والتحول الاقتصادي لإمارة دبي وأهم المبادرات التي أطلقتها حكومة دبي والتي من المتوقع أن تؤثر على النمو والتنمية المستدامين للإمارة على المدى المتوسط. ويختتم التقرير بنظرة مستقبلية تتضمن بعض الاستنتاجات التي من المتوقع حدوثها خلال عام 2018 والفترة التي تليها.

ويظهر التقرير في مقدمته الخصائص التي يتمتع بها اقتصاد دبي، إذ تعد دبي الاقتصاد الثالث على مستوى العالم بعد كل من لوكسمبرج وهونج كونج بالنسبة لدرجة الانفتاح، حيث تعتمد بشل كبير على التجارة الخارجية لتحقيق دخلها. بلغت نسبة انفتاح دبي 321%، أي أن تدفقات التجارة كانت أكبر من صافي القيمة المضافة المتحققة في الاقتصاد بأكثر من ثلاثة أضعاف. بلغت القيمة الإجمالية لتجارة دبي من السلع غير النفطية 1.28 تريليون درهم في عام 2016 ، ولكن غلب على ميزانها التجاري عجز دائم نظرًا لكون دبي مركزًا عالمياً للتجارة العالمية والإقليمية. فواردات دبي أكثر بكثير من إجمالي صادراتها حيث أن غالبية الواردات يتم نقلها إلى إمارات أخرى وإلى الدول المجاورة دون أن تُسّجل كسلع مُعاد تصديرها. وقد ساهم الموقع الجغرافي المتميّز لدبي كحلقة وصل بين قارتي آسيا وأوروبا بالإضافة إلى روابط الشحن والنقل الجوي الممتازة التي تتمتع بها ومناطقها الحرة، في جعل دبي من المواقع الجذابة والمناسبة للشركات العالمية للإنخراط في سلاسل القيمة العالمية.

الاستثمار الأجنبي

يحدد حجم انخراط بلد ما في سلاسل القيمة العالمية بمستوى جاذبيته وقدرته على جذب الاستثمار الأجنبي المباشر الذي يلعب دورًا رئيسياً في تعزيز النمو الاقتصادي لهذا البلد وفي تنميته. وتتأثر دبي، بكونها اقتصادًا مفتوحاً، بالاتجاهات العالمية في الاستثمار الأجنبي المباشر، ولقد استقطبت دبي نحو 25.5 مليار درهم من الاستثمارات الأجنبية المباشرة في عام 2016 مما وضعها في المرتبة السابعة من بين المدن الرائدة في العالم في جذب الاستثمار الأجنبي المباشر إليها. وبلغ اجمالي رصيد الاستثمارات الأجنبية المباشرة 270.8 مليار درهم في الفترة ما بين 2011 و2015.

ومن المهم أن تستمر دبي في استقطاب المزيد من الاستثمارات الأجنبيةالمباشرة لتحافظ على نمو القطاعات الرئيسية في اقتصادها. وفي هذا الصدد، تحتاج الخطط لتنفيذ استراتيجية دبي الصناعية التي أطلقتها دبي عام 2016 لتعزيز ناتجها الصناعي وبالتالي المشاركة في سلاسل القيمة العالمية إلى الاستثمار الأجنبي المباشر في الصناعات التحويلية عالية المحتوى التكنولوجي. ويلاحظ أنّ الاستثمار الأجنبي المباشر في القطاع الصناعي قد نما بشكل بطيء نسبياً على عكس القطاعات الأخرى وبلغت حصته نسبة 4.2 % من إجمالي الاستثمارات في عام 2015. وكان قطاع تجارة الجملة والتجزئة أكبر قطاع جاذب للاستثمارات الأجنبية المباشرة بحصة 38.2 % من إجمالي تلك الاستثمارات في عام 2015 يليه قطاع التمويل والتأمين بنسبة 22.1 % وقطاع العقارات بنسبة 21.7 %.

الاقتصاد الكلي

نما الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي في دبي إلى 376.8 مليار درهم في عام 2016، مرتفعاً بنسبة 2.9 %مقارنة مع عام 2015.  انتهجت حكومة دبي في السنوات القليلة الماضية سياسة مالية لترشيد الانفاق العام من خلال خفضها لعجز موازنتها كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي من 2 % في عام 2010 إلى 0.4 % بحلول عام 2013. وحافظت دبي منذ ذلك الوقت على حسابات متوازنة في عامي 2015 و2016. وقد سبق ذلك انتهاج الحكومة سياسة مالية توسعية لتحفيز الاقتصاد. وساهم النجاح الذي حققته دبي في خفض عجز الموازنة بعد تلك الفترة في استقرار اقتصادها الكلي واستئناف النمو في العديد من القطاعات والنشاطات، وخاصة البنوك والسوق المالي والتجارة والسياحة والعقارات.

ومن الأمور التي عززت قدرة دبي على تحقيق التوازن في ميزانيتها انخفاض الإنفاق الاستثماري العام نظرًا لإستكمال العديد من المشاريع الكبرى. وانخفضت نسبة الاستثمار إلى الإنفاق العام الكلي من ذروة وصلت إلى 36% في عام 2010 إلى حوالي 17 % في عام 2016 مرورًا بنسبة منخفضة وصلت إلى 11 بالمائة في عام وجاءت إيرادات حكومة دبي التي بلغ مجموعها 46.1 مليار درهم في عام 2016، من إيرادات ضريبية (رسوم الجمارك والضرائب على البنوك) -وإيرادات غير ضريبة (عوائد الاستثمار وإيرادات نفطية ورسوم). وفي عام 2016، تقلصت نسبة الإيرادات الضريبة إلى الإيرادات غير الضريبة إلى 18.5 في المائة ومن المتوقع أن تنخفض لتصل إلى 16.3 في عام 2017.

انخفضت معدلات التضخم في دبي من معدل سنوي بلغ 3.7 % في عام 2015 إلى 2.9 % في عام 2016 بعد أن ارتفعت بشكل ثابت من 1.3 في المائة في عام 2013، ويعزى الانخفاض إلى تباطؤ تضخم الأسعار في قطاعات الإسكان والمياه والكهرباء والوقود والصحة. وفي المقابل، -شهدت مجموعات الإنفاق الرئيسية الأخرى مثل مجموعة المطاعم والفنادق والأغذية والمشروبات غير الكحولية والتعليم والترفيه معدلات تضخم أعلى في عام 2016. وإن ارتفاع أسعار الفائدة في عام 2017 مصحوبا بانكماش السيولة يوحي ببقاء الضغوطات التضخمية معتدلة في العام 2018.

التطورات القطاعية

ينقسم اقتصاد دبي في الإحصاءات الرسمية إلى تسعة عشر قطاعاً مستقلاً. ساهمت سبعة من هذه القطاعات بما نسبته 77.2 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي لدبي البالغ 376.8 مليار درهم في عام 2016، وهذه القطاعات هي: تجارة الجملة والتجزئة، النقل والتخزين، الخدمات المالية والتأمين، الصناعة التحويلية، النشاطات العقارية، -التشييد، والإقامة وخدمات الطعام. وهي مُرتبة وفقاً لأهمية مساهمتها في الناتج المحلي الإجمالي.

تجارة الجملة والتجزئة

يعد قطاع تجارة الجملة والتجزئة) الذي يشمل أيضا اصلاح المركبات ذات المحركات والدراجات النارية(، القطاع الأكبر في اقتصاد دبي بقيمة مضافة بلغت103.4 مليار درهم ونسبتها 27.5 % من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2016. كما أن هذا القطاع هو القطاع الأكثر توظيفاً حيث وظف نحو 22.4 % من عمالة دبي في عام 2015 ويلعب دورًا هاماً في دعم الإنفاق الاستهلاكي في الاقتصاد ويساعد من خلال روابطه الخلفية والأمامية في دعم النشاطات الاقتصادية في قطاعات أخرى مثل النقل والتخزين والطعام والإقامة. ومعدل نمو القيمة المضافة الحقيقية في هذا القطاع متقلب وقد انخفض إلى 1.3 % في عام 2016، أي أقل من معدل نمو الناتج المحلي الاجمالي لدبي للعام نفسه.

وساعد الاستثمار الأجنبي في تحويل دبي إلى مقصد عالمي للتسوّق والسياحة. وبلغ متوسط إجمالي تكوين رأس المال الثابت "أي الانفاق الاستثماري" 17.1 مليار درهم خلال الفترة ما بين 2013 و2015 وقد بلغ اجمالي الرصيد الاستثماري في قطاع تجارة الجملة والتجزئة 76 مليار درهم في الفترة ما بين 2011 و2015. وجاء هذا القطاع كثيف الاستخدام للعمالة وذات الأجور المنخفضة نسبياً في المرتبة السابعة من حيث الإنتاجية في دبي.

الصناعات التحويلية

ساهم قطاع الصناعات التحويلية بقيمة مضافة بلغت35.7 مليار درهم في عام2016 ، وما نسبته  9.5%من الناتج المحلي الإجمالي، ووظّف -نحو 250,854  عاملاً وعاملة في عام 2015 ، وهو بذلك يعدّ رابع أكبر قطاع من حيث القيمة المضافة والتوظيف في الاقتصاد. وبلغت القيمة المضافة للعامل الواحد 142,000 درهم في عام 2015.  وجاءت في المرتبة العاشرة مقارنة مع القطاعات الأخرى. أمّا القطاعات الصناعية ذات الصلة والأصغر حجماً مثل التعدين واستغلال المحاجر وتوليد الكهرباء والبخار والغاز – والتي تتّسم بمستويات عالية من رأس المال للعامل الواحد فقد جاءت في المرتبتين الأولى والثانية بالنسبة للإنتاجية حيث وصلت الإنتاجية للعامل الواحد إلى 1.42 مليون درهم و 910 آلاف درهم، على التوالي في عام 2015. وشهد قطاع الصناعات التحويلية ارتدادًا صعودياً في معدل نموه في عام 2016 بارتفاع ناتجه الحقيقي بنسبة 3.4%، وهو أعلى من معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي للإمارة للعام نفسه.

حدد تقرير الافاق الاقتصادية الصادر عن اقتصادية دبي، مجموعة من العوامل الرئيسية المؤثرة على مستقبل النمو بشكل إيجابي في دبي خلال المرحلة المقبلة، وكان أبرزها: استضافة معرض إكسبو 2020، وتنفيذ استراتيجية دبي الصناعية 2030 في إطار خطة دبي 2021، والسياسة المتبعة في تعزيز تنافسية دبي العالمية.

استضافة إكسبو 2020

من المتوقع أن يؤدي المعرض إلى استحداث 270,000 وظيفة جديدة. لاستيعاب الأعداد المتوقعة من الزوار لإمارة دبي (حوالي 25 مليون). وستستفيد قطاعات التششييد والمواصلات والتخزين من البنية التحتية الإضافية اللازمة ومن تنقل الزوّار من إمارة دبي وإليها وحولها. وسيزداد الطلب الكلي بمقدار 15 مليار درهم إضافي يتوقع إنفاقها على مشاريع الطرق والمواصات لإكسبو 2020 نتيجة للمشاريع الحكومية. وقد خصصت ميزانية الحكومة لعام 2018 مبلغ 5 مليارات درهم على مدار السنة بالإضافة إلى مبلغ مساوٍ لعام .2019

ومن المتوقع أن يعود معرض إكسبو 2020 بالفائدة على قطاع السياحة في دبي خلال فترة إقامة الفعالية حيث سيحقق إيرادات إضافية لقطاعات الفنادق والمطاعم، وبدرجة أقل قطاعات الجملة والتجزئة. وتشير بيانات مكتب المعرض الدولي إلى أن تكلفة شنغهاي إكسبو بلغت حوالي 4.2 مليار دولار وحقق أرباحاً بقيمة 158 مليون دولار. وجذبت هذه الفعالية التي أقيمت على مدار ستة أشهر 73 مليون زائر، من بينهم 4.25 مليون زائر أجنبي.

دبي الصناعية 2030

وضعت استراتيجية دبي الصناعية 2030 رؤية صناعية لإمارة دبي لتصبح منصة عالمية للصناعات المبتكرة والمُستدامة والقائمة على المعرفة بناءً على خمسة أهداف استراتيجية: أن تكون محركاً للنمو، وأن تكون قائمة على الابتار، وأن تكون مقرًا للشركات العالمية، وأن تكون مُستدامة بيئياً وتدعم الاقتصاد الأخضر، وأن تتبنى المعايير الإسلامية لتصنيع منتجات الحلال تصبح دبي عاصمة الاقتصاد الإسلامي. ويكمن التحدي بالنسبة لدبي في تحويل القطاع الذي يتسم بأساليب الإنتاج كثيفة الاستخدام للعمالة من خلال تحقيق قفزة نوعية للاتحاق بركب الدول الصناعية بالاعتماد على النمو في الإنتاجية الإجمالية لعوامل الإنتاج. ويقوم هذا النهج على تكثيف استعمال التقنية في الصناعة التحويلية على حساب العمالة، خاصة العمالة غير الماهرة. وحددت استراتيجية دبي الصناعية 2030 ستة قطاعات صناعية لقيادة تحوّلها الاقتصادي، وهي: قطاع الطيران، والسفن البحرية، والصناعات الدوائية والمعدات الطبية، والألمنيوم والمعادن المُصنّعة، والآلات والمعدات، والسلع الاستهلاكية.

تعزيز الصادرات

يمكن تحقيق النمو في صادرات المنتجات عالية التقنية من خلال المشاركة النشطة في سلاسل القيمة العالمية التي ستساعدها على كسب التنافسية في الأسواق العالمية. هناك العديد من المنتجات الاستهلاكية التي تُنتج وتُسوّق ضمن سلاسل القيمة العالمية وهي تسمح للشركات في العديد من المواقع الجغرافية المختلفة حول العالم بالتعاون مع بعضها الآخر لتصنيع منتج واحد. كما أن الشبكة اللوجستية لدبي وإمكانياتها الممتازة في مجال النقل الجوي والبحري والبرّي، بالإضافة إلى موقعها الاستراتيجي بين شرق آسيا وغرب أوروبا ستسهل تحوّلها الاقتصادي.

تنافسية دبي عالميا

تم تصنيف الإمارات العربية المتحدة، الممثلة في المسح ببيانات من إمارة دبي، في المرتبة 21 بعد ألمانيا التي جاءت في المرتبة 20، ولكن هذا الترتيب منخفض مقارنة مع اقتصادات مدن مماثلة مثل سنغافورة وهونج كونج اللتين حازتا على المرتبتين الثانية والخامسة على التوالي. ولاتزال تنافسية الإمارات أعلى بكثير من الدول الخليجية المجاورة. فقد جاءت المملكة البحرينية في المرتبة 66، وعُمان في المرتبة 71، قطر، في المرتبة 83، والمملكة العربية السعودية في المرتبة 91. والكويت في المرتبة 96.

يُعد التصنيف العام العالي دليلا على المرونة الاقتصادية للدولة بالنسبة لحشد رؤوس الأموال محلياً ولجذب الاستثمار الأجنبي، ولكن تفحص المؤشرات الفردية قد يؤدي إلى تحديد مجالات العمل على تحسينها مما يسمح بوضع إصلاحات تنظيمية من أجل تحسين التنافسية، وحلت الإمــارات  فــي المرتبــة الأولــى مــن حيــث ســهولة دفــع الضرائــب والوصــول إلــى الكهربــاء وأن معدلهــا فــوق متوســط دول المسح مــن حيــث التعامــل مــع رخــص الإنشــاءات وتســجيل ضريبــة العقــارات وحمايــة المســتثمرين الأقليــة وإنفــاذ العقــودص الإنشاءات وتسجيل ضريبة العقارات وحماية المستثمرين الأقلية وإنفاذ العقود.

أخبار مرتبطة