أكد وزراء في حكومة دولة الإمارات خلال الجلسة الحوارية الوزارية التي أقيمت ضمن فعاليات أسبوع أبوظبي للاستدامة 2019، بأن الإمارات العربية المتحدة تؤسس لنموذج جديد من الاستدامة، ركيزته الاستثمار في العلوم والتكنولوجيا المتقدمة، وتزويد الكفاءات الوطنية بالعلوم والمعارف والمهارات المتقدمة التي تضمن الاستثمار الأمثل للموارد المتوفرة والحفاظ عليها للأجيال القادمة، منوهين بأن تعزيز الاستدامة هي طريق دولة الإمارات للوصول إلى مئويتها.
وحملت الجلسة عنوان "مرحبًا بكم في المستقبل - كيف يرتقي الاستثمار في العلوم في دولة الإمارات بالتنمية المستدامة على المدى الطويل" وشارك فيها معالي الدكتور أحمد بالهول الفلاسي، وزير الدولة لشؤون التعليم العالي والمهارات المتقدمة، رئيس مجلس إدارة وكالة الإمارات للفضاء، ومعالي سارة بنت يوسف الأميري وزيرة دولة للعلوم المتقدمة، ومعالي مريم بنت محمد المهيري وزيرة دولة للأمن الغذائي.
وقال معالي بالهول الفلاسي: " دولة الإمارات تقود مرحلة جديدة من جهود تطوير البحث العلمي لدفع عجلة التنمية المستدامة، وتمكنت من ترسيخ مكانتها العالمية كمركز حواري عالمي يناقش بموضوعية أحد أهم القضايا الحاسمة التي عرفها الإنسان على مر التاريخ وهي الاستدامة، حيث من الضروري وضع الاستدامة تحت المجهر، وتشجيع الاستثمار بالممارسات والنشاطات المتعلقة بها بهدف حماية الموارد والثروات والمصادر وصونها للأجيال القادمة."
وأكد معاليه خلال كلمته الافتتاحية بأن الاستدامة مرتبطة ارتباطًا وثيقًا بالتقدم التكنولوجي وتزويد الكفاءات البشرية بالمهارات المتقدمة، حيث أن التكنولوجيا الجديدة والاكتشافات العلمية ومخرجات البحث العلمي ستزودنا بالحلول المبتكرة لضمان سير عملية التنمية المستدامة على الوجه الأمثل، منوهاً معاليه بأن استثمار الإمارات في الفضاء ما هو ترجمة لرؤية القيادة الرشيدة التي تؤمن بأن مستقبل الاستدامة يكمن في تعزيز قدرات قطاع الفضاء وريادته.
وأوضح معاليه بأنه: "تحديات الاستدامة متقاربة بشكل كبير بين الفضاء والأرض، والعمل من أجل التصدي لهذه التحديات النوعية في الفضاء مثل شح المياه والأمن الغذائي والطاقة الشمسية وغيرها- وخاصة في إطار عزم الدولة بناء مستوطنة على المريخ بحلول عام 2117- يؤهلنا لإيجاد حلول لهذه التحديات داخلياً على سطح الأرض، وأي تطور نستطيع الوصول له في الفضاء سيكون له انعكاسات وتطبيقات محلية تعزز من استدامة الموارد في الدولة، وهذا الأمر ينطبق على الزراعة وغيرها من القطاعات الحيوية المرتبطة بالاستدامة."
وتابع معالي الفلاسي: "خطط دولة الإمارات واستثماراتها الاستراتيجية في قطاع الفضاء رسمت الخطوط العريضة لأهداف طويلة المدى، تعمل هذه الأهداف على تشجيع الأجيال القادمة من الكفاءات الوطنية على تبني العلوم والمعارف المتقدمة، وفي الوقت نفسه ترسيخ ثقافة المعرفة والابتكار ضمن المجتمع، ما سيدفع دولة الإمارات نحو مرحلة جديدة من التنمية المستدامة." منوهاً معاليه بأن الاستثمار في قطاع الفضاء وخاصة برامج استكشاف الفضاء لها انعكاسات إيجابية على المنظومة التعليمية، ومن شأنها زيادة شغف طلبة التعليم العام بتخصصات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات، كما أنها تسهم في إلهام وتحفيز طلبة التعليم العالي على متابعة تحصيلهم الأكاديمي من خلال الدراسات العليا.
وأكد معالي وزير الدولة لشؤون التعليم العالي والمهارات المتقدمة بأن دولة الإمارات تستثمر في إعداد بيئة تعليمية حاضنة متكاملة، تعمل على تجهيز الكوادر والكفاءات البشرية بالمعرفة العلمية والمهارات المتقدمة لتعزيز مساهمتها في عملية التنمية المستدامة، والوصول بالاستدامة إلى آفاق جديدة تضمن جاهزية دولة الإمارات للمتغيرات المستقبلية.
ومن جهتها أكدت معالي سارة بنت يوسف الأميري بأن الاستدامة ليست ترفاً ولا رفاهية بل هي ضرورة ملحة في عصر مليء بالتحديات الاقتصادية والمناخية والبيئية، والتي تحد من الموارد والثروات الطبيعية لكوكب الأرض يومأً بعد يوم، منوهة بأن دولة الإمارات لطالما وضعت الاستدامة في أولويات العمل الحكومي، وواظبت على أن تكون رائدة التنوع الاقتصادي في منطقة تعتمد على النفط والغاز كمورد رئيسي للدخل، وما زالت تكرس ميادئ اقتصاد المعرفة واقتصاد ما بعد النفط لخدمة مستقبل آمن ومستدام.
وقالت معاليها: " آمنت قيادتنا الرشيدة بأهمية وضع الاستدامة وممارساتها في قلب الخطط التنموية والاستراتيجية، ووجهت بالاستثمار في منظومة متكاملة من العلوم المتقدمة لخدمة مستهدفات الاستدامة وخططها طويلة المدى، الأمر الذي مكن الإمارات من تحقيق نمو متسارع وبوتيرة مستمرة على الرغم من محدودية المصادر والموارد الطبيعية."
وأضافت معالي الأميري: "استثمار الإمارات في العلوم المتقدمة هو استثمار في المستقبل، وهذا الأمر يبدو جلياً من خلال مشروع الإمارات لاستكشاف المريخ "مسبار الأمل"، الذي جرى تصميم أهدافه لتتناسب مع متطلبات الاستدامة في دولة الإمارات بشكل خاص والبشرية عامة." مشيرة معاليها بأن الإمارات تذهب إلى الفضاء لخدمة الاستدامة على كوكب الأرض، ولإجراء الأبحاث التي من شأنها المساعدة في مواجهة التحديات المستقبلية المتعلقة بالاستدامة، ومن ضمنها الصعوبات التي تواجه دولة الإمارات والدول المماثلة من حيث المناخ والطبيعة الصحراوية وشح المياه وغيرها.
وتابعت معالي الأميري: "استثمار الإمارات في العلوم المتقدمة سيخدم تطوير العديد من القطاعات الحيوية، حيث تركز أجندة العلوم المتقدمة لدولة الإمارات 2031 على قطاعات حيوية مثل الطاقة المستدامة والمياه والأمن الغذائي والصحة واستدامة الموارد وغيرها، حيث بدأت الخطط والمشاريع في كل من هذه القطاعات تتحقق بالفعل. إذا نظرنا إلى قطاع الصحة على سبيل المثال، فإن الإمارات قريبة من تحقيق إنجازات هامة على صعيد "الطب الشخصي" الذي يعتمد على الحمض النووي لكل مريض، وهذا يأتي بعد جهود واسعة وناجحة لرسم خريطة الجينوم الوطني."
وفي ذات السياق، أوضحت معالي مريم بنت محمد المهيري بأن الاستدامة هي قضية على درجة عالية من الأهمية، وترتبط ارتباطاً وثيقاً بوجودنا على كوكب الأرض، إلى جانب ارتباطها بكافة جوانب حياتنا، حيث أن الأمن الغذائي والاستدامة هما قضيتان متلازمتان، مشيرة معاليها إلى أن إنتاج الغذاء يعتمد بشكل كبير على المياه، التي تعد أحد أهم الموارد الطبيعية المتعلقة بالاستدامة.
وقالت معاليها: " تشكل الزراعة إحدى أكثر القطاعات المرتبطة بالاستدامة، وهي تستأثر بحوالي 72٪ من إجمالي استهلاك المياه العذبة عالمياً، وبما أن المناخ في دولة الإمارات يتسم بطبيعة صحراوية جافة، كان من الضروري إيجاد طرق وحلول مبتكرة لضمان الأمن الغذائي وتحقيق مستهدفاته، وفي الوقت نفسه المحافظة على واحدة من أهم الثروات الطبيعية ألا وهي المياه."
ونوهت معالي المهيري بأن دولة الإمارات -وبتوجيهات من القيادة الرشيدة- تستثمر في مستقبل أحد أهم جوانب الاستدامة وهو الأمن الغذائي عن طريق إيجاد طرق جديدة ومبتكرة لإنتاج الأغذية تعتمد على المياه بشكل محدود، وتوظف التكنولوجيا المبتكرة في سبيل ذلك، حيث يجري العمل على تطوير التكنولوجيا الزراعية - المعروفة أيضاً باسم "AgTech" - كواحدة من الحلول الرئيسية لتعزيز إنتاج الأغذية في الدولة وتقليل الاعتماد على الواردات وبالتالي إيجاد مصادر غذاء مستدامة للأجيال القادمة.
واختتمت معالي المهيري بأن التكنولوجيا الحيوية هي مستقبل الغذاء، ويجري تطويرها في دولة الإمارات بالتعاون مع أكاديميين وخبراء من القطاعين الحكومي والخاص بهدف زيادة إنتاجية الغذاء من خلال التقنيات التي تشمل تحسين البذور والري الذكي، وزراعة الأنظمة المغلقة وغيرها من التكنولوجيا الحديثة، التي تضمن تحويل دولة الإمارات إلى مركز عالمي للاستدامة.