2 مليار دولار استثمارات متوقعة في شركات التكنولوجيا المالية الناشئة بمنطقة الخليج

الثلاثاء 20 نوفمبر 2018
الشارقة - مينا هيرالد:

يُتَوَقَّع أن تصل الاستثمارات في شركات الفنتك الناشئة في منطقة الخليج إلى 2 مليار دولار أميركي خلال العقد القادم، وذلك مقارنة بـ 150 مليون دولار أميركي فقط التي تمّ استثمارها خلال العشرة سنوات الأخيرة، وفقاً لدراسة جديدة أجرتها "مينا ريسيرتش بارتنرز"، شركة البحوث الرائدة في المنطقة. وقد صدرت الدراسة اليوم بالتزامن مع مهرجان الشارقة لريادة الأعمال الذي يُعَدّ من الفعاليات الإقليمية الرئيسية التي تحتفي بريادة الأعمال وبقطاع الشركات الناشئة في منطقة دول مجلس التعاون الخليجي.

هذا ومن المتوقّع أن تلعب دولة الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية دوراً هاماً في تحفيز إمكانيات النمو في منطقة الخليج وفي بلورة وتشكيل قطاع الفنتك في المنطقة العربية. وتذكر دراسة "مينا ريسيرتش بارتنرز" أن هاتين البلدين ستكونان في صدارة التحوّل في قطاع الفنتك مدفوعين بعوامل عديدة، منها تبنّي القيادات العليا نهجًا لإنشاء بنى متطورة لمدن المستقبل الذكية وكذلك لأنّ هاتين الدولتين لديهما أعلى ارتباطية إلكترونية للفرد في المنطقة وتمثّلان 45% من اقتصادات المنطقة العربية. بالإضافة إلى كل ذلك، يعزّز القطاع الخاص في البلدين أيضاً استثماراته في قطاع الفنتك.

صرّح أنطوني حبيقة، الرئيس التنفيذي في "مينا ريسيرتش بارتنرز": "إن إقبال التمويل الخاص على قطاع الفنتك لا زال غير كافٍ على الرغم من أنّنا شهدنا اكتمال بعض الصفقات في السنوات القليلة الماضية. ولدينا حالياً ثغرة في التمويل تبلغ قيمتها ملياري دولار أميركي من الاستثمارات الخاصة في شركات الفنتك الناشئة عند مقارنتها بالأسواق الناشئة الأخرى. وعند مقارنتها بمتوسط الاستثمار العالمي فإن ثغرة الاستثمار الخاص أكبر بكثير حيث تصل إلى 10 مليارات دولار أميركي. وخلال السنوات العشرة الأخيرة، لم تتجاوز الاستثمارات الخاصة في شركات الفنتك في منطقة الخليج 0.007% من إجمالي الناتج المحلي، أي أقلّ بعشرة مرات من متوسط الاستثمار في الأسواق الناشئة والبالغ 0.07% لتلك الفترة وأقل بـ 43 مرة من المتوسط العالمي البالغ 0.3%."

وتُظهر دراسة "مينا ريسيرتش بارتنرز" أن 35% من مجمل الاستثمارات في شركات الفنتك الناشئة في منطقة الشرق الأوسط  وشمال إفريقيا في السنوات العشرة الأخيرة تمّت في عام 2017؛ أو ما يوازي 52.5 مليون دولار أميركي من الـ 150 مليون دولار أميركي التي استثمرت بين عامي 2008 و2018 تمّ استكمالها في العام الماضي. ويُتَوَقَّع أن يستمرّ هذا الزخم في السنوات القليلة القادمة ولكن بوتيرة أسرع بكثير. وهذا الزخم سيكون مدفوعاً بعدة عوامل، ليس أقلها المبادرات التي تعتمدها الحكومات الخليجية. فواضعو القوانين والسياسات الحكومية يقدّمون دعماً متزايداً لقطاع الفنتك كما يُوَفِّرون محفزات لكي ينمو القطاع محلياً كمثل "فنتك هايف" في دبي وReglab في سوق أبوظبي العالمي و"فنتك باي" في البحرين والمشروع المشترك بين المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات المتحدة لإنشاء نظام قائم على البلوك تشين. وتقول الدراسة أن تحوّل القدرات الاقتصادية من الغرب إلى الشرق سيعود بالفائدة على مراكز الفنتك الخليجية هذه.

من العوامل الأخرى التي ستحفّز نمو قطاع الفنتك تبنّي المصارف التقليدية قدرات الفنتك وتعزيز خدماتها وحلولها التقليدية من خلال الحلول الرقمية وكذلك نشوء المزيد من شركات الفنتك المستقلّة والتي تنشأ لسدّ الفجوة في تمويل الشركات الصغيرة والمتوسطة والبالغة 1.7 تريليون دولار أميركي. ففي الوقت الحاضر، تلاقي العديد من الشركات الصغيرة والمتوسطة التي لديها سيولة كبيرة صعوبات في الحصول على التمويل المصرفي في المنطقة، و20% فقط من تلك الشركات تحصل على تمويل من المصارف والمؤسسات المالية مقارنة بمتوسط بالغ 42% في أميركا اللاتينية وأوروبا الشرقية ووسط وشرق آسيا الباسيفيك. هذه الفجوة الكبيرة في التمويل من المصارف وأسواق المال يمكن سدّها من قِبل شركات الفنتك العاملة في قطاع الإقراض وجمع الأموال.

فضلاً عن ذلك، فإن شركات الفنتك الجديدة تدخل السوق لحلّ مشكلة التمويل بالنسبة للشركات التي لا تلقى تمويلاً من المصارف. وأخيراً وليس آخراً، فإن التحوّل في نمط التسوّق عند المستهلكين وتفضيلهم التسوّق عبر الإنترنت والتجارة الإلكترونية يعني أنه ستكون هناك حاجة للمزيد من حلول الفنتك لتلبية متطلبات المستهلكين وتفضيلاتهم الجديدة.

يوضح أنطوني حبيقة: "في حين أن 64% من الاستثمارات الخاصة خلال عام 2017 ذهبت إلى الشركات الناشئة في القطاعات التقليدية، إلا أن هناك اتجاهًا واضحًا نحو زيادة الاستثمارات في الشركات الرقمية باختلاف أنواعها: شركات التجارة الإلكترونية والفنتك والتكنولوجيا عموماً. والاستثمارات الخاصة في شركات الفنتك الناشئة تحديداً هي الآن في نفس مستوى شركات التجارة الإلكترونية والتكنولوجيا الناشئة الأخرى، بمعدل 12% لكل منها من كامل الاستثمارات الخاصة خلال العام الماضي."

وتُقدّر "مينا ريسيرتش بارتنرز" أن عدد شركات الفنتك في المنطقة العربية ستزيد بمعدل مرتين في السنوات الثلاثة القادمة لتصل إلى حوالي 260 شركة فنتك ناشئة من الـ 130 شركة الموجودة حالياً. ومع ذلك يقول حبيقة أن السوق سيشهد غربلة، الأمر الذي سيدفع باتجاه صفقات أكبر. ويتَوَقّع حبيقة أن هذا سيؤدي إلى نشوء شركة فنتك إقليمية واحدة على الأقل تعتبر "يونيكورن" خلال الخمس سنوات القادمة أي أن قيمتها ستفوق المليار دولار اميركي عند التخارج منها.

وفي الوقت الحاضر، هناك اتجاه للتحوّل من شركات الفنتك التي تقدّم خدمات وحلول الدّفع والإقراض نحو الشركات الناشئة العاملة في قطاع ’الموجة الثانية‘: وهي الشركات العاملة في مجال التحويلات وإدارة الثروات والتأمين وحلول البلوك تشين.

أوضح حبيقة: "في وقت مبكر، كانت 90% من شركات الفنتك الناشئة في المنطقة تقدّم حلول الدفع ومن ثمّ جاءت شركات الفنتك التي توفّر حلول الإقراض وجمع الأموال. بحلول عام 2020، سيكون هناك تحوّل واضح باتجاه شركات الفنتك التي تعمل في مجال التحويلات وإدارة الثروات والتأمين وحلول البلوك تشين التي ستوسّع حصتها من سوق الفنتك إلى 31%. وستحتفظ شركات الفنتك العاملة في مجال الدفع بـ 36% من السوق بينما ستكون حصة الشركات التي تقدّم حلول الإقراض وجمع الأموال 33%."

واختتم حبيقة قائلاً: "إن الاتجاه نحو الفنتك حقيقة واقعة على المستوى العالمي. والبيئة الاقتصادية في المنطقة موائمة لنشوء قطاع فنتك متنامٍ، فالحكومات حدّدت رؤاها لتطوير مدن ذكية للمستقبل وهي لديها القدرات المالية لتطبيق تلك الرؤى. إضافة إلى ذلك، فإن المستهلكين الذين يتمتّعون بارتباطية عالية في منطقة الخليج يدفعون الطلب على حلول أذكى تلبّي كافة احتياجاتهم الجديدة في مجال الفنتك، كما أن شركات الفنتك الناشئة المستقلّة تطوّر حلولاً جديدة لمشكلات قديمة. وقطاع الفنتك يتأهّب لتشكيل مستقبل القطاع المالي مطوّراً فرصاً جديدة للشركات الحالية والجديدة."

Search form