القمة العالمية للحكومات تطرح وصفة ثقة بالذكاء الاصطناعي وتطبيقاته المستقبلية

الأحد 10 فبراير 2019
دبي - مينا هيرالد:

ماذا لو قرر أحد عمالقة مواقع التواصل الاجتماعي في العالم إسناد مهمة إعداد خوارزمية شاملة إلى فريق مبرمجيه المحترفين لفتح أبواب بياناتنا على مصراعيها أمام الراغبين في معرفة أدق تفاصيل حياتنا الخاصة لأهدافهم التجارية؟

ماذا لو أصبحت شبكات الحواسيب العملاقة قادرة من تلقاء نفسها ودون توجيه بشري مباشر على عقد صفقات مالية لتحليل وتصنيف بيانات أكثر من ملياري مشترك، ومن ثم التواصل مع كل واحد منهم حسب اهتماماته، لتعرض عليه مبلغاً مالياً شهرياً مقابل إجابته على بعض الأسئلة حول بيانات شخصية "بسيطة"؟

بالطبع، سيكون لدينا الخيار كمستخدمين راشدين ومدركين لحقوقنا ومسؤولياتنا أن نختار التواصل مع تلك الآلة التي تحاورنا باستخدام تطبيقات الذكاء الاصطناعي أو أن نرفض الأمر من أساسه بكل بساطة.

لكن ماذا عن مئات الملايين من الأطفال والمراهقين د تحت السن القانونية المؤهلة لعقد مثل هذه الصفقة، والتنبه إلى مخاطرها المحتملة عليهم وعلى خصوصيتهم وخصوصية أفراد عائلاتهم وأصدقائهم؟

تجارب وجدليات

هذه الفرضية ليست خيالاً علمياً من إحدى الروايات أو الأفلام، بل قصة حدثت فعلياً على أرض الواقع وتسببت مطلع العام الحالي بضجة كبيرة على مستوى العالم، حين عمد موقع "فيسبوك" للتواصل الاجتماعي إلى إطلاق برمجية متقدمة تستخدم تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي وخوارزميات تعلّم الآلة تحت اسم "فيسبوك ريسيرتش" أو "فيسبوك للأبحاث" لتخزين بيانات تفاعلات وتفضيلات مشتركيها عبر الهواتف الذكية مقابل دفع 20 دولاراً شهرياً لكل مشترك يوافق على تحميل البرمجية ومشاركة بياناته.

ذكاء متطور غير مقيد

ذكاء الآلة في هذه الحالة لم يجد ما يقيده قوانين أو ما ينظّمه من معايير، ولم يميّز بين الشخص المؤهل قانونياً لعقد صفقة تجارية، وطفل أو مراهق دون سن 18 عاماً، قد يرى مبلغ العشرين دولاراً ثروة صغيرة مقابل بعض البيانات التي لا يدرك مدى أهميتها وأثرها على حياته ومحيطه في حال إساءة استخدامها.

حدود فعالة

عمدت "فيسبوك" إلى سحب البرمجية من التداول وإلغاء العملية برمّـتها، لكن هل يتوقف الأمر عند هذا الحد؟ ماذا لو عمدت شركات أخرى إلى تقنيات الذكاء الاصطناعي الأخرى مثل التعرّف على الوجوه، أو تقنيات الحوسبة السلوكية، أو غيرها من تقنيات مستقبلية لا نعلم عنها لاقتحام حيّزنا الفردي الشخصي أو خصوصية أطفالنا دون استئذان؟

عصر جديد

واستجابة لهذه التساؤلات المشروعة، ولأن الذكاء الاصطناعي يكتب مرحلة جديدة في تاريخ البشرية فإنه يحتاج شأن كل القطاعات إلى قوانين ناظمة وتشريعات وأطر عمل واضحة، وهذا ما يناقشه "المنتدى العالمي لحكومة الذكاء الاصطناعي" ضمن "القمة العالمية للحكومات"، الذي يجمع خبراء الذكاء الاصطناعي وصناع السياسات والمسؤولين الحكوميين والأكاديميين لوضع سياسات عادلة وشفافة ومرنة متفاعلة مع المتغيرات لحوكمة الذكاء الاصطناعي.

التوعية أولاً

ولأن غاية المنتدى العالمي لحوكمة الذكاء الاصطناعي منذ انطلاقته الأولى كانت تحقيق الاستفادة القصوى من الذكاء الاصطناعي لخدمة مستقبل الإنسان، يحرص المنتدى في دورة هذا العام على استضافة الخبراء والمختصين من مختلف أنحاء العالم لوضع تعريفات واضحة ومقبولة قانونياً وأخلاقياً، تعزز وعي الأفراد والمجتمعات، وتتيح لثورة تقنيات الذكاء الاصطناعي مواصلة ازدهارها مستقبلاً.

قاعدة بيانات عالمية

ويبحث المنتدى في تأسيس قاعدة بيانات عالمية مشتركة تحمي خصوصية بيانات الأفراد، وتحترم سيادة الدول، وتحمي في الوقت نفسه حقوق الملكية الفكرية لمبتكري تطبيقات الذكاء الاصطناعي في مختلف المجالات، لما فيه تعزيز الثقة في مخرجاته لخدمة مواطني العالم في كل مكان.

وتمثّل قاعدة البيانات الموحدة بنك معلومات مشتركا ومفتوحا لخدمة الإنسانية، يعمل وفق آلية شفافة واضحة يتم التوافق عليها بين الخبراء والمختصين والقانونيين في محطات دولية محورية، مثل القمة العالمية للحكومات التي أصبحت مختبراً عالمياً لابتكار مبادرات تؤسس للمستقبل، وتوحد الجهود، وتنسق السياسات، لتطوير عمل حكومي أكثر إنتاجية وكفاءة على مستوى العالم.

بيئة داعمة

ويهدف المنتدى من خلال اللقاءات التخصصية للخبراء من كافة القطاعات إلى توفير بيئة حيوية داعمة ومنظومة حوكمة موثوقة تعزز فوائد الذكاء الاصطناعي في مختلف مجالات المستقبل، من التجارة الإلكترونية، إلى أتمتة الصناعة والخدمات، وصولاً إلى توظيف الذكاء الاصطناعي وتقنيات تحليل البيانات الضخمة لتوقع الأمراض المقبلة والاستعداد لها استباقياً، واستقراء الظواهر المناخية وتأثيراتها على التنوع الحيوي والبيئة والمحاصيل الزراعية.

مشاركات دولية

ويشارك في اجتماعات وجلسات "المنتدى العالمي لحوكمة الذكاء الاصطناعي"، أكثر من 250 خبيراً ومتخصصا في مختلف مجالات وتطبيقات الذكاء الاصطناعي يناقشون سبل حوكمة الذكاء الاصطناعي وتعزيز دوره المستقبلي في تعزيز التنمية وتطوير قدرات الأفراد والمجتمعات، وخلق فرص عمل جديدة نوعية تعتمد على تكامل الإنسان والآلة لبناء مستقبل أفضل.

أخبار مرتبطة