ماذا نريد من "سفراء الأمن الإلكتروني"؟

الإثنين 18 مارس 2019
هنادي صالح اليافعي

بقلم: هنادي صالح اليافعي، مدير إدارة سلامة الطفل

أصبح الفضاء الإلكتروني مسرحاً للكثير من الألعاب ووسائط التواصل والترفيه التي تلغي المسافات بين مختلف الجنسيات والأعمار والأهواء، هذا المسرح الافتراضي الجذاب بتقنياته وألوانه وأشكاله، يشكل ملاذاً للأجيال الجديدة التي تحتاج دائماً إلى لغة مشتركة لتعبر عن أفكارها وتكتشف ذاتها من خلال التماهي أو التقليد أو المحاكاة.

لكن الفضاء الإلكتروني، لا يخلو من المخاطر التي تشكل تهديداً حقيقياً لسلامة الأطفال النفسية والمعنوية والفكرية وحتى الجسدية.

من هنا ارتأينا في إدارة سلامة الطفل، وفي إمارة الشارقة المدينة الصديقة للأطفال واليافعين، أن نطلق مبادرة متميزة تحمل اسم "سفراء الأمن الإلكتروني"، ونعتز بإطلاقها بالتعاون مع وزارة تنمية المجتمع، والهيئة العامة لتنظيم قطاع الاتصالات، وبرنامج خليفة للتمكين – اقدر، وشرطة الشارقة.

إن إطلاقنا لهذه المبادرة هو بمثابة هدية من إدارة سلامة الطفل إلى كل طفل وطفلة في الشارقة والإمارات...  هدية يتناقلونها فيما بينهم لأنها مبادرة منهم ولهم.

"سفراء الأمن الإلكتروني" -وكما يدل اسمها- تسعى إلى ترسيخ مفاهيم الأمن الإلكتروني لدى الأطفال، من خلال تبني الأساليب التفاعلية الجديدة في رفع الوعي لديهم في مختلف الجوانب المتعلقة بالأمن الإلكتروني.

ماذا نريد من "سفراء الأمن الإلكتروني"؟ نريد أن نقدم للأطفال واليافعين منصة موحدة يتبادلون من خلالها آراءهم وأفكارهم ومعارفهم... منصة تتيح لهم تحمل المسؤولية تجاه أنفسهم وتجاه أقرانهم.

"سفراء الأمن الإلكتروني"، هم الأطفال واليافعون الذي يدركون أنهم ليسوا متلقين ومتعلمين فحسب، وإنما شركاء في نشر المعرفة والحرص على حماية أقرانهم من أي محتوى يسيء إليهم بشكل أو بآخر.  

كيف سنعمل على بناء هذا الجيل من سفراء الأمن الإلكتروني؟ إن التعاون مع الهيئة العامة لتنظيم قطاع الاتصالات، يتيح لنا تدريب الأطفال من عمر 11 إلى 18 عاماً باستخدام المواد المتخصصة، والتعليم الذاتي بشأن مخاطر أمن المعلومات، ومساعدتهم في تصحيح المعلومات المغلوطة.

بعد مرحلة التدريب، يتم تقييم مستوى الطلبة وفق آليات خاصة، واختيار أفضل 20 شاباً وشابة فقط للانضمام إلى المبادرة رسميّاً ليقدموا الورش التدريبية لأقرانهم في مؤسسات رعاية الطفل، والمدارس الحكوميّة والخاصة في مختلف إمارات الدولة.

ثمة من يسأل: من أين سنبدأ؟ لا شك في أن البداية ستكون من إمارة الشارقة باعتبارها مدينة صديقة للأطفال واليافعين، ونستهدف في المرحلة الأولى منتسبي مراكز "أطفال الشارقة"، و"سجايا فتيات الشارقة"، و"ناشئة الشارقة"، التابعين لمؤسسة ربع قرن لصناعة القادة والمبتكرين، بالإضافة إلى "مفوضية مرشدات الشارقة"، و"مدينة الشارقة للخدمات الإنسانيّة".

نأمل في أن تصبح المبادرة على مستوى الإمارات السبع. ونتطلع إلى تعاون مختلف الجهات من أجل بناء أجيال من سفراء الأمن الإلكتروني على مستوى الوطن، لنساهم معاً في تحصين الجيل الجديد بأدوات أمنه وسلامته.

كيف سنختار السفراء؟ لقد تم تبني معايير خاصة تحدد حصول الطفل على لقب "سفير"، أولها وأهمها حسن السلوك والتمتع بالأخلاق الحميدة. ثاني المعايير، إجادة فن الإلقاء والحوار مع الجمهور، والقدرة على إعداد وعرض محتوى تعليمي يصلح للتقديم إلى الجمهور، بالإضافة إلى موافقة ولي الأمر على ظهور المشارك إعلامياً، فمن مهام السفير أن يكون حاضراً على شبكات التواصل الاجتماعي، وفي المؤسسات الإعلامية المرئية والمسموعة والمقروءة.

من الشروط الهامة أيضاً أن يلتزم المشارك بانضمامه لمدة 3 سنوات إلى المبادرة، وأن يقوم بتنفيذ عدد معيّن من الورش للجمهور حسب الفئة العمرية التي تناسبه حتى نهاية عام 2019، بحيث لا تقل عدد الورش التي تقدمها الفئة العمرية من (13-18) عاماً عن 10 ورش، فيما تقدم فئة الأطفال من (10 -12) عاماً 5 ورش.

هذه باختصار، تفاصيل مبادرة "سفراء الأمن الإلكتروني" التي نتطلع أن تشكل قفزة نوعية ليس فقط في ثقافة الأجيال الجديدة، بل أيضاً في مؤشرات سلامة الأطفال في الشارقة والإمارات ليبقى وطننا في صدارة الدول التي تصون حقوق الأطفال وترعى شؤونهم وتهتم بقضاياهم.

Search form