تقرير السلع الأسبوعي: المخاوف تحفز الإقبال على الذهب، والنفط محصور بنطاق محدود

الأحد 13 أغسطس 2017
أولي هانسن ، رئيس استراتيجية السلع لدى ’ساكسو بنك‘

بقلم: أولي هانسن ، رئيس استراتيجية السلع لدى ’ساكسو بنك‘

أسفر ارتفاع المخاطر الجيوسياسية هذا الأسبوع- والناجم عن التصعيد في نبرة كلٍّ من الرئيس الأمريكي ترامب وزعيم كوريا الشمالية كيم جونغ أون- عن ازدياد الإقبال على الذهب والين الياباني والسندات الآمنة كملاذ، في حين شهدت السندات والأسهم عالية الربحية حركة بيع نشطة. وكانت المفاجأة في أن المعادن الثمينة والصناعية حظيت بمزيد من الأرباح، بينما حافظت سلع الطاقة على مستوياتها ذاتها، وتراجعت السلع الزراعية.

وواصلت المعادن الثمينة- وفي طليعتها الذهب والفضّة- تعافيها على مدى شهر كامل بالتوازي مع الظروف المواتية العديدة الناجمة عن تطوّرات السوق. كما أن أكبر خسارة شهدها ’ستاندرد آند بورز 500‘ في يوم واحد ولّدت طلباً إضافياً من المستثمرين الباحثين عن ملاذ من العاصفة المحتملة.

وشهدت المعادن الصناعية صعوداً مع وصول ’مؤشر بلومبيرغ للمعادن الصناعية‘ إلى أعلى مستوى له منذ 30 شهراً وتسجيله معدلات شراء عالية قبل أن يتعرّض لنكسة مع بدء حركة جني الأرباح كنتيجة للتصعيد السياسي وهبوط أسعار النفط. وجاء الطلب الصيني ذو الطابع التخميني- ولاسيما على الفولاذ وفلذات الحديد- ليعزّز الارتفاع الأولي.

واتسم قطاع الطاقة بتوجهات متضاربة، حيث كان الغاز يسجل ارتفاعاً متواصلاً أغلب الأشهر الثمانية الماضية مع وصول المخزونات إلى مستويات تقارب المتوسط طويل الأمّد بناءً على الأخبار التي كانت تشير بأن الولايات المتحدة في طريقها للتحوّل لمصدر صاف للغاز الطبيعي. وبالمقابل ما زال المشهد العام لأسعار النفط متراوحاً بين رفع الإنتاج وخفض المخزونات رغم أن أسس النفط الخام تبدي بوادر تحسّن.

وترنّحت الصناديق بعد أن تعرّضت لانكشاف أكثر من المطلوب كنتيجة لخطأ في تفسير منظور الأسهم الأمريكية والعالمية لأهم المحاصيل؛ حيث ساهم "تقرير تقديرات الإمداد والطلب الزراعي العالمي" (WASDE) عن شهر أغسطس في هبوط القطاع بشكل حاد، مع وصول مؤشر ’بلومبيرغ للحبوب‘ إلى أدنى مستويات تاريخية له، مما أدى للقضاء على الأرباح القوية التي تم تسجيلها مؤخراً خلال يوليو.

وواصل الذهب صعوده نحو أهم مقاومة مع انتقال محور التركيز من البيانات الاقتصادية الأمريكية (التي جاءت أقوى من العادة) إلى الطلب على الملاذات الآمنة، وبالتالي شهدنا حركة لجني الأرباح مطلع أغسطس بعد عدم تحقّق توقعات تقرير الأجور في القطاعات غير الزراعية الأمريكية.

واستمر الارتفاع (المتواصل لمدة شهر) بعد "التحذير الناري" الذي وجهه ترامب إلى كوريا الشمالية، والذي شكّل دعماً للذهب على عدة أصعدة فيما هبطت أرباح الأسهم والسندات، وذلك بالتوازي مع ارتفاع الين الياباني.

وكما هي العادة، كانت صناديق التحوّط المصدر الرئيسي للتقلبات في السوق، حيث أدّت دورة البيع الأخيرة الفاشلة إلى اتخاذ مواقع طويلة الأمد في السلع الآجلة والخيارات بحيث اقتصر حجمها على 2.9 مليون أونصة فقط، وهو أدنى مستوى يتم تسجيله على مدى 18 شهراً، وتم شراء رقم قياسي قدره 9.4 مليون أونصة منذ ذلك الحين. وعند أخذ التاريخ الحديث للسوق في عين الاعتبار، سنرى بأن المواقع كانت خفيفة نسبياً مع وصول حجم المواقع طويلة الأمد الصافية إلى12.3 مليون أونصة بتاريخ 1 أغسطس، وهو أقل من الـ17.5 مليون أونصة التي تم تسجيلها أثناء المحاولة الأخيرة للكسر فوق المقاومة 1295 دولار للأونصة، وأقل بنحو 43% من الرقم القياسي الذي تم تسجيله في يونيو 2016.

ومن المرجح أن يبقى الإقبال على البيع محدوداً بحكم المخاوف الراهنة بخصوص الموضوع الكوري الشمالي الذي أفسح المجال لاختبار المقاومة الرئيسية عند 1295 دولار للأونصة مرّة أخرى. وفي حال تم كسر هذه المقاومة، فقد تشهد السوق مزيداً من الامتداد بما أن الانكشاف قد يتعزز بسبب المشهد الاقتصادي الكلي والصناديق التي تعتمد استراتيجية اتبّاع تيارات السوق، وذلك مع أخذ الانكشاف الخفيف المذكور أعلاه في عين الاعتبار قياساً بآخر مرّة كان هذا المستوى فيها معرّضاً للكسر.

وقد تؤدي الطبيعة المزدوجة للأزمة الكورية إلى كسر فوق مستوى 1295 دولار للأونصة وتحفيز صعود إلى 1375 دولار للأونصة (قمة يونيو الماضي). وبالمقابل إذا انخفضت سوية التوترات، فإن ذلك قد يحفز نشاطاً لجني الأرباح، مع تحول المستوى 1250 دولار للأونصة إلى تقديم الدعم قبل التراجع إلى 1230 دولار للأونصة، وهو نطاق الحركة على مدى 200 يوم.

وانحصر النفط الخام ضمن نطاق ضيّق نسبياً بعد ارتفاعه خلال يوليو في تطور يعزى إلى توقف السعودية عن التصدير وتراجع المخزونات الأمريكية، ما شكّل تغطية قصيرة المدى لهذه الحركة. وعند هذه المرحلة تبقى إمكانية الصعود محدودة بما أنّه من المرجح للإنتاج المتزايد في الولايات المتحدة وليبيا أن يعيد التوازن إلى هذا الهبوط المتواصل في المخزونات والصادرات.

وشكّل تدني مستوى الامتثال في ’أوبك‘ وارتفاع الإنتاج الليبي أهم عنصرين ساهما في تحفيز دورة البيع القصيرة خلال يونيو، حيث وصل إجمالي المواقع قصيرة الأمد التي تملكها صناديق التحوّط في برنت وخام غرب تكساس إلى ثاني أعلى مستوى قياسي له. ومع حلول شهر يوليو وتفعيل سياسة الحد من الصادرات وتراجع المخزونات كما هو مذكور أعلاه، فقد أصبحت السوق معرّضة لقصر مدى التغطية وعانت من انحسار في المواقع قصيرة المدى بعدها.

وخلال فترة الأسابيع الخمسة التي سبقت مطلع أغسطس، أقدمت صناديق التحوّط على رفع صافي مواقعها طويلة الأمد في خام برنت وخام غرب تكساس بمقدار 294 مليون برميل. كما أن نشاط الشراء الجديد أضاف 102 مليون برميل، في حين تم خفض المواقع القصيرة بمقدار النصف (192 مليون برميل). وكانت زيادة الأسبوع الماضي (بمقدار 101 مليون برميل) أكبر زيادة أسبوعية منذ مطلع ديسمبر الذي شهد اجتماع منتجي النفط من أعضاء ’أوبك‘ وخارجها للاتفاق على مبادرة مشتركة لخفض الإنتاج.

ومع عودة سعر خام غرب تكساس إلى 50 دولار للبرميل، واقتراب برنت من هدفنا للربع الثالث عند 55 دولار للبرميل، فإنه من المفيد إلقاء نظرة على ما هو مطلوب للحفاظ على التعافي الأخير في النفط، والذي يمكن تلخيصه بالنقاط التالية:

  • تباطؤ المنصات الأمريكية والحد من نمو الإنتاج كاستجابة لتراجع الأسعار
  • حدوث انخفاض موسمي في أسهم النفط الخام الأمريكية (يمتد الموسم عادةً حتى نهاية سبتمبر)
  • قيام ’أوبك‘ بالتضييق على الدول غير الملتزمة بخفض الإنتاج، ولاسيما العراق والإمارات، وذلك مع حفظ الصادرات المنظورة (مثل الصادرات الأمريكية)
  • تباطؤ الإنتاج الليبي والنيجيري أو حدوث انقطاعات فيه
  • وقوع حدث جيوسياسي هام

وعند هذه النقطة تبدو الأسس آخذة في التحسّن، مع تراجع المخزونات الأمريكية والعالمية في استجابة لنمو الطلب العالمي الذي بلغ مستويات تفوق ما هو متوقع؛ حيث أخذ القسم الأمامي من منحنى برنت بالتحّرك إلى الخلف مع تداولات أسعار أعلى من الشهر الماضي، وذلك بالتوازي مع إرسال إشارات بخفض المخزونات (إثر وصول الطلب الصيفي إلى ذر,ته)، وهو ما ساهم في تفضيل برنت على خام غرب تكساس، الأمر الذي قد يؤدي لزيادة طلب التصدير على الخام الأمريكي، وبالتالي يسفر عن خفض المخزونات الأمريكية.

وفي هذه الأثناء ما زالت ’أوبك‘ تعاني من ارتفاع الإنتاج وعدم التزام أعضائها بالإطار المتفق عليه؛ فقد أشارت أحدث نسخة من "تقرير سوق النفط" الصادر عن وكالة الطاقة الدولية إلى أن مستويات الإنتاج خلال يوليو قد بلغت قمة جديدة مع مواصلة ليبيا زيا\ة انتاجها، وتراجع التزام أعضاء ’أوبك‘ بخفض الإنتاج بمقدار 75% (وهو المستوى الأدنى هذا العام)، علماً بأن الجزائر والعراق والإمارات العربية المتحدة تقف في طليعة الدول المخلّة بهذا الالتزام.

كما خفضت وكالة الطاقة الدولية تقديراتها بخصوص كمية النفط الخام المطلوب من ’أوبك‘ عن العامين 2017 و2018، وهو تطور سيكون من شأنه جعل زيادة الإنتاج صعبة أكثر فأكثر بالنسبة للمنظمة بعد انتهاء سريان مفعول الاتفاقية الحالية في مارس القادم.

وفي حين تبدو الصورة إيجابية مجدداً على المدى الطويل، من المرجح للسوق أن تبقى محصورة ضمن إطار محدود ومعرضة للبقاء لفترة أطول عند مستويات منخفضة نسبياً بالمقارنة مع ما تم تسجيله في مطلع العام. وقد نجد خام غرب تكساس محدوداً بنطاق بين 47 إلى 50.5 دولار للبرميل كنتيجة لتقلّب التركيز بين رفع الإنتاج وانخفاض المخزونات.

أخبار مرتبطة