الصين بين يديك

السبت 08 يوليو 2017
سايمون فاسدال، رئيس قسم تداول الدخل الثابت لدى ’ساكسو بنك‘

بقلم: سايمون فاسدال، رئيس قسم تداول الدخل الثابت لدى ’ساكسو بنك‘

مع حلول الصيف ووصول الرياح الأكثر دفئاً واستقراراً إلى منطقة شمال أوروبا، اتسم الربع الثاني بحالة استقرار واضحة فيما يخص الأسواق المالية. وبالرغم من الإشارات النبضيّة القليلة التي ظهرت على مؤشر الخوف، إلا أن الدخل الثابت بدا في العموم محاطاً ببيئة شديدة الاستقرار، مما ساعد في تعزيز ارتفاع أسعار الأسهم إلى مرحلة متقدمة في الربع الثاني. وتركزت موضوعاتنا الرئيسية خلال الربع الثاني على عوامل خطر الانتخابات، والتي رأينا فيها توجهات مبالغ بها، فضلاً عن إخفاق العائدات العالمية من التحرك نحو الارتفاع. وشكلت بيئة العائدات الجانبية مسألة خشينا استمرارها جرّاء انخفاض أسعار النفط والمخاطر الجيوسياسية اللاحقة. وتحققت المكونات الرئيسية لهذا السيناريو في الربع الثاني، متسببة بعائدات جيدة لفئات الأصول الأكثر خطورة نتيجة للتقلبات المنخفضة واستمرار التضخم والعائدات الجانبية العالمية. وبالرغم من تراجع العائدات في الجزء الأخير من الربع الثاني وانتقال الظروف الاقتصادية الكلية العالمية إلى الفتور من حالتها الساخنة، لا تبدو هناك أي مخاوف واضحة نتتبعها عند النظر في الأسهم والهوامش الائتمانية حول العالم. وانطلاقاً من هذه الخلفية الإيجابية وبالتزامن مع الدخول إلى الربع الثالث، يمكن أن يتوقع المرء حصول تطور إيجابي في الأصول الأكثر خطورة – أي الأسهم العالمية، والسندات ذات العائد المرتفع وسندات الأسواق الناشئة. وبالفعل، لا تزال هناك علامات إيجابية: تبدو أوروبا بحالة أفضل مما كانت عليه في السنوات الخمس الماضية، فضلاً عن العديد من منبهات الخطورة السياسية والجيوسياسية – مثل الانتخابات الأوروبية، وتأثير ترامب على التجارة العالمية، والأزمات المخيّمة على الشرق والغرب ومنطقة الشرق الأوسط، على سبيل المثال لا الحصر – والتي فقدت أهميتها في الوقت الراهن، أو تلعب أدواراً بسيطة جداً. ومن هذا المنظور، يمكننا أن نشهد ربعاً آخر مع دخل ثابت في فئات السندات الأكثر خطورة. ومع ذلك، لاح اقتراب غير مريح لمجموعة أخرى من منبهات المخاطر. وكما ذكر بيتر جارنري وستين جاكوبسن، فإننا نشعر بالقلق إزاء تباطؤ الدافع الائتماني العالمي وإمكانية أن يؤدي ذلك إلى تباطؤ اقتصادي عالمي. ومنذ الأزمة المالية، تأثر الاقتصاد العالمي إلى حد كبير بالائتمان. ونحن نشعر بقلق خاص إزاء الافتقار إلى الدافع الائتماني في الصين والتجاهل الظاهري للأسواق لحقيقة أن 35% من النمو العالمي مستمد من الصين. ويبدو غياب الدافع الائتماني واضحاً في الولايات المتحدة الأمريكية. ويمكن أن يشهد الربع الثالث من العام ظهور مزيد من المفاجآت غير السارة ضمن الصورة الكلية، مما قد يؤثر على أسواق الأسهم والسندات. وقد تشهد أسواق الأسهم تأثيرات خلال الربع الثالث جراء سيناريو التباطؤ العالمي؛ فضلاً عن التأثير على الدخل الثابت العالمي. ويمكن أن يؤدي مثل هذا السيناريو إلى ظهور ثلاثة عوامل رئيسية. أسعار الائتمان سيتمثل التأثير الأكثر مباشرة لانخفاض الدافع الائتماني العالمي في ارتفاع أسعار الائتمان العالمي. وببساطة، يمكن أن يزداد سعر وحدة الائتمان المفردة، وقد يطلب مستثمرو السندات قدراً أعلى من الهامش، مما قد يؤدي إلى زيادة الهوامش الائتمانية. وقد يشير ذلك إلى المساواة بين مختلف المسائل الأخرى: العائدات المرتفعة والأسعار المنخفضة على فئات السندات الأكثر مخاطرة والأعلى من حيث العوائد. تأثير السلع قد يكون التراجع المحتمل للنمو في الصين مؤلماً بالطبع، ولكن من حيث الدخل الثابت، تتجلى المخاوف الرئيسية في انخفاض أسعار السلع الرئيسية التي يحتمل أن تنجم عن مثل هذا التباطؤ. وإذا تحول تباطؤ النمو إلى حقيقة واقعة، فإننا نتوقع حصول انخفاض كبير في أسعار الطاقة والمعادن، الأمر الذي سيؤدي إلى مشاكل خطيرة للشركات والدول التي تعتمد على النفط والحديد الخام. وقد تواجه البرازيل، والتي وقعت مؤخراً تحت تأثير اضطرابات سياسية، تراجعاً اقتصادياً حاداً إذا انخفضت الأسعار وحجم الطلب من الصين. وفيما تذهب 55% من صادرات الحديد الخام البرازيلي إلى الصين، يظهر الدور الكبير الذي تلعبه العلاقة البرازيلية الصينية من حيث الحديد الخام في الاقتصاد البرازيلي. وعلاوة على ذلك، تواجه هذه العلاقة منافسة شرسة من أستراليا. وقد يؤدي التباطؤ الصيني المحتمل إلى توخي سبل الحيطة والحذر إزاء سندات أمريكا اللاتينية، ولا سيما السندات البرازيلية. وسيؤثر ذلك على الشركات المرتبطة بصادرات الحديد الخام فضلاً عن الشركات ذات الصلة بالطاقة، والتي تعتمد عليها البرازيل بشكل كبير أيضاً. وأصبحت روسيا اليوم أكبر موردي النفط إلى الصين، وشهدت العلاقة معدلات نمو هائلة على مدار العامين الماضيين، لتصل إلى 24% في عام 2016. وقامت روسيا بخطوة جيد في محاربة آثار الهبوط الكبير في أسعار النفط مطلع عام 2016، مما أدى إلى ضعف الروبل وظهور توجه نحو بيع الأصول الروسية. ومنذ ذلك الحين، شهدنا ارتفاعاً كبيراً في أسعار الأصول الروسية، لا سيما سندات ’يوروبوند‘. وفي ضوء التباطؤ المحتمل للنمو الصيني وانخفاض أسعار وحجم الطلب على النفط، قد تواجه روسيا مزيداً من التحديات الناجمة عن اعتمادها على صادرات الطاقة. وقد يدفع ذلك نحو اتخاذ إجراءات خفض الميزانية مما يضر بتقديرات النمو. وعلاوة على ذلك، يمكن أن تفقد الشركات العاملة في قطاع الطاقة، أو التي لها صلة وثيقة بهذا القطاع، عائدات حيوية تدفعها لمواجهة تدهور كبير في نوعية الائتمان. ونعتقد بأن المرونة التي أظهرها الاقتصاد الروسي في العامين الماضيين تعتبر دليلاً واضحاً على قدرة البلد على التكيف مع مثل هذه الصدمات الخارجية. ومع ذلك، ينبغي أن تدفع الهوامش الائتمانية الحالية للطاقة وسندات ’يوروبوند‘ الروسية المستثمرين لاتخاذ مزيد من الحيطة والحذر في الربع الثالث. التضخم الذي اختفى ينبغي أن يوجه سيناريو التباطؤ الاقتصادي والحاجة للدافع الائتماني الانتباه إلى التطورات الإيجابية الحالية التي تشهدها سندات الشركات وأصول الأسواق الناشئة. وفيما نحن نتكلم، يحوم مؤشر ’آي تراكس كروس أوفر‘ لهامش مبادلة مخاطر ائتمان السندات الأوروبية ذات العائد المرتفع منخفضاً إلى أدنى مستوياته منذ ثلاث سنوات عند 235. وينطبق الشيء نفسه على هامش مؤشر ’جي بي مورجان لسندات الأسواق الناشئة العالمي‘ الذي عاد إلى مستوياته في عام 2014. لقد كنا إيجابيين جداً تجاه سندات الأسواق الناشئة والبيئة الائتمانية بشكل عام، ونعتقد بأن التطورات لها ما يبررها. وفي حال بدأ التباطؤ، فإنه سيكون من المؤسف أن نرى الهوامش الائتمانية شديدة الانكماش في مواجهة حقيقة تقلص معدلات النمو العالمي وانخفاض أسعار السلع الأساسية. وينبغي توخي الحيطة والحذر خاصة فيما يتعلق بانكشاف سندات الأسواق الناشئة، حيث يمكن أن تؤدي التحديات المرتبطة بنوعية الائتمان، وغياب الدافع الائتماني وعدم اليقين العام من قدرة الدول في الأسواق الناشئة على التكيف مع الصدمات الخارجية، إلى الوقوع فريسة أزمة ائتمانية مفاجئة، وإحداث اضطرابات في العملات والأصول واحتمال إثارة المخاوف من عدم السيولة في الأسواق التي قد تدفع نحو تنشيط بيع الصناديق. الأمل في نهاية الطريق بعد كل ما سلف، لا يرسم الربع الثالث صورة سلبية بالمجمل لأسواق السندات. وقد يفضي التباطؤ العالمي والهبوط المتوقع في أسعار السلع الرئيسية إلى عودة العائدات الأساسية نحو الجنوب مجدداً. وتذكروا أن إحدى أكبر المخاطر التي تخوفت منها أسواق السندات تمثلت في الخشية من ارتفاع عائدات الولايات المتحدة الأمريكية، حيث اعتبرت 3% من عائدات السندات المستحقة بعد 10 سنوات نقطة تحول يمكنها أن تؤدي إلى توجهات بيع كارثية في أسواق السندات العالمية. وبدلاً من ذلك، ومع انخفاض النمو، وتراجع أسعار السلع الأساسية وتقلص توقعات التضخم، يمكننا أن نواجه بسهولة عودة إلى مستويات أقل من 2% بالنسبة للسندات الأمريكية المستحقة بعد 10 سنوات، ونتلمس مكاسب كبيرة للسندات الاستثمارية الأطول أجلاً خارج نطاق الشركات والدول التي تعتمد على السلع الأساسية.

أخبار مرتبطة