السياسات النقدية تحتل مركر الاهتمام

الإثنين 18 سبتمبر 2017
حسين السيد

بقلم حسين السيد، كبير استراتيجي الأسواق في FXTM

حلّق الاسترليني فوق مستوى 1.36 الأسبوع الماضي مما ذكّر المستثمرين بأنّ البنوك المركزية ظلت هي المحرك الأقوى لأسواق العملات. وكان زوج الاسترليني/ دولار أميركي قد ارتفع 3% في يومين ليتداول عند أعلى مستوى في 15 شهراً، بعد أن أرسل بنك انكلترا المركزي إشارة إلى رفع الفائدة عن المستويات القياسية المتدنية. واضطر المستثمرون إلى تعديل مراكزهم بقوة بعد أن أدركوا بأن آراءهم كانت بعيدة تماماً وبكل وضوح عن آراء البنك المركزي الانكليزي بخصوص السياسة النقدية. وقد ارتفعت توقعات رفع الفائدة في نوفمبر/ تشرين الثاني ارتفاعاً هائلاً من أقل من 20% إلى 65%، مما رفع عوائد سندات الخزانة الإنكليزية لأجل عامين 150% طول الأسبوع الماضي، في حين ارتفعت عوائد سند العشر سنوات الأميركي الذي يعتبر مقياساً أقل حساسية تجاه عمليات رفع الفائدة 30%. كما شعر المستثمرون في البورصات الإنكليزية بشيء من الألم حيث تراجع مؤشر (FTSE 100) أكثر من 2.2% ليغلق يوم الجمعة عند 7215 نقطة، ومع ارتفاع قيمة الاسترليني، من المتوقع لهذا المؤشر أن يختبر مستوى الدعم الهام عند 7100 نقطة.

ولازال حصول ارتفاع أكبر في الاسترليني أمراً ممكناً على المدى القصير بما أن المستثمرين لازالوا يعدلون مراكزهم في أسواق العملات الأجنبية (فوريكس). ولكن دون وجود استقرار سياسي، من المحتمل أن تتبخّر كل هذه المكاسب. ودعونا لا ننسى بأن مفاوضات البريكست بخصوص خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي لم تصل إلى أي مكان بعد، وبأن العديد من الشركات لا تزال تبحث احتمال نقل مكاتبها الرئيسية من المملكة المتحدة، وبأن الأجور الحقيقية في المنطقة السالبة، وبأن الاقتصاد قد يواجه الكثير من الضغوط في الأشهر والسنوات المقبلة.

وسينصبّ اهتمام المستثمرين هذا الأسبوع من جديد على السياسة مع وجود خطاب لتيريزا ماي يوم الجمعة. وسوف يتحرّك المتداولون في الاسترليني بناء على استراتيجيتها الخاصة بالمفاوضات. ويظل موقفها تجاه المفاوضات وما إذا كان ستتبنى موقفاً متساهلاً أو متشدداً هو العنصر الأساسي الذي سيقرر حركة الاسترليني في الأيام المقبلة.

أما الحدث الرئيسي هذا الأسبوع فهو إعلان السياسة النقدية الصادر عن الفدرالي يوم الأربعاء، حيث لم تكن بيانات التضخّم الأميركية المرتفعة كافية لزيادة توقعات رفع الفائدة في ديسمبر/ كانون الأول. فاحتمالات رفع الفائدة بالقرب من نهاية العام تقف عند 56% بحسب مؤشر (CME’s Fedwatch)، وأي تغير في هذه النسبة يتوقف على سجل النقاط (dot plot) الصادر يوم الأربعاء والذي ستتطرق إليه جانيت يلين في خطابها.

ومن المتوقع الإعلان يوم الأربعاء أيضاً عن تفاصيل تطبيع الميزانية. وربما لن يترك ذلك أثراً كبيراً على الدولار بما أن الفدرالي كان يحضّر الأسواق لهذه الخطوة منذ أشهر. ولكن لازلنا لا نعلم الأثر البعيد المدى لهذه العملية. فتطبيع الميزانية سيعرّض سندات الخزانة الأميركية الطويلة الأجل للخطر عندما يبدأ المعروض بالتزايد. وهذا الأمر لن يؤثّر على عوائد السندات فقط، وإنما سوف يترك أثراً سلبياً على البورصات الأميركية أيضاً.

Search form