الأوراق المالية القابلة للتداول ذات السيولة العالية تسجل مستوى قياسي بالتزامن مع الأداء القوي لقطاع الأسهم الخاصة

الأربعاء 12 أبريل 2017
غريغوري غارنيه، شريك في "بين آند كومباني" في الشرق الأوسط

دبي - مينا هيرالد: أفاد "تقرير الأسهم الخاصة العالمية" الصادر مؤخراً عن "بين آند كومباني"، الشركة الاستشارية العالمية الرائدة لمستثمري الأسهم الخاصة، بأنّ الأسواق العالمية شهدت تقلبات حادة خلال العام 2016، بالتزامن مع الإعلان عن نتائج استفتاء خروج المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي والانتخابات الأمريكية، مشيراً إلى أنّ قطاع الأسهم الخاصة أظهر مرونة عالية وقدرة استثنائية على مواصلة الأداء القوي ليختتم العام بنتائج إيجابية. وسجلت صفقات الخروج نشاطاً لافتاً خلال العام الفائت، إلاّ أنّ المجاميع الإجمالية انخفضت نتيجة الإغلاق النهائي للصفقات المعلقة خلال الأزمة المالية العالمية.

وأوضح التقرير السنوي الثامن للأسهم الخاصة العالمية بأنّ الأسهم الخاصة حافظت على مكانتها باعتبارها الأصول الاستثمارية المفضلة لدى المستثمرين المؤسسيين، بالتزامن مع توجه مجتمع الاستثمار نحو البحث عن تحقيق إيرادات مجزية. وبالمقابل، ارتفعت وتيرة جمع الأموال مع استمرار الشركاء المحدودين بإعادة هيكلة التوزيعات وتحويلها إلى التزامات رأسمالية جديدة. وأظهرت العائدات أيضاً أداءً قوياً، متفوقةً على أداء الأسواق العامة بفارق كبير على المدى القصير والطويل. من ناحية أخرى، تراجع نشاط الاستحواذ العالمي وسط التحديات الناشئة التي تسببت في إعاقة نشاط عقد الصفقات.

وشهدت صفقات الخروج المدعومة بعمليات الاستحواذ خلال العام 2016 انخفاضاً بمعدل 23% في القيمة وبمعدل 19% في العدد مقارنةً بالعام 2015، مسجلة انخفاضاً حاداً عن المستويات القياسية المسجلة في العام 2014. وشكّلت مبيعات الأصول، البالغة 328 مليار دولار من حيث القيمة المعلنة من 984 صفقة، خطوة قوية للغاية لتساعد بذلك في تعزيز قدرة قطاع الأسهم الخاصة على مواصلة واحدة من أفضل السنوات الأربع على الإطلاق من حيث القيمة. وفي الواقع، لم يكن الانخفاض انعكاسا لتدهور بيئة الخروج، وإنما جاء بالدرجة الأولى نتيجة تراجع عدد الصفقات الجاهزة للخروج، حيث واصل القطاع العمل استناداً إلى محفظة الأصول المستثمرة قبل الأزمة المالية العالمية.

وقال هيو ماكارثر، مدير قسم ممارسات الأسهم الخاصة العالمية في "بين آند كومباني": "لم يكن مفاجئاً الانخفاض الذي طال صفقات الخروج على صعيد القيمة والعدد، بالنظر إلى توالي عمليات الخروج الناجمة عن الصفقات خلال العام الفائت. ويمكن القول الآن بأنّ قطاع الأسهم الخاصة نجح، بعد عدة سنوات، من العودة إلى مستوياته الطبيعية من خلال عمليات الخروج ذات الصلة بالصفقات الضخمة، التي عقدت خلال عامي 2006 و2007. وعلى الرغم من أن أداء عامي 2014 و2015 لم يكن قوياً كفاية، إلاّ أنّ العام 2016 سجل تقدماً لافتاً على مستوى السيولة."

ونتيجة خروج جميع الصفقات العائدة لمرحلة ما قبل الأزمة المالية العالمية تقريباً، تستعد شركات الاستحواذ لمرحلة جديدة تمهد الطريق للعودة إلى المستويات الطبيعية، مع فترات احتفاظ أطول تصل إلى نحو 5 سنوات، مقارنة بالمتوسط القياسي المسجل والبالغ حوالي 3.5 إلى 4 سنوات. وتتوقع "بين أند كومباني" أن يتواصل هذا الاتجاه على المدى المتوسط، نتيجة ارتفاع أسعار الشراء ومحدودية مصادر السوق، ما يحتم على الشركاء العموميين بذل المزيد من الجهود والتركيز على النشاطات التي تتطلب وقتاً أطول لتحقيق المزيد من القيمة من أصولهم الاستثمارية."

وشهدت استثمارات الاستحواذ خلال العام الماضي تراجعاً ملحوظاً تمثّل في نقص عدد الصفقات بنسبة 18 بالمائة وانخفاض القيمة بواقع 14 بالمائة بالمقارنة مع نتائج العام 2015؛ وذلك مرده في المقام الأوّل إلى الصعوبات المتزايدة التي حالت دون قدرة شركات الأسهم الخاصة على إتمام الصفقات وتحقيق العوائد المرجوة في ظل التقييم العالي القياسي للأصول من جهة وتزايد المنافسة القوية بين مشتري الشركات من جهة أخرى. وفي المقابل، ارتفع مضاعف سعر الشراء في عمليات الاستحواذ إلى معدّل 10.9 مرّة أكثر من حجم العائدات قبل احتساب الفائدة والضريبة والاهلاك والاستهلاك في الصفقات الأمريكية خلال الربع الثالث من العام 2016. وأدّت صعوبة تشغيل رأس المال وتزايد إقبال المستثمرين على الأسهم الخاصة إلى تسجيل مستوى قياسي جديد في الأوراق المالية القابلة للتداول ذات السيولة العالية (dry powder) والتي تبلغ حالياً إجمالي 1.5 تريليون دولار أمريكي في جميع صناديق الأسهم الخاصة على المستوى العالمي، منها 534 مليار دولار عمليات استحواذ مستهدفة.

وعلى صعيد منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، شهدت حركة الأسهم الخاصة خلال العام الماضي نقلة نوعيةً في ظل استمرار تدفّق الصفقات على امتداد العديد من القطاعات الرئيسة.

وعلّق غريغوري غارنيه، شريك في "بين آند كومباني" في الشرق الأوسط، على الأمر، قائلاً: "إذا ما أخذنا على سبيل المثال قطاع التجزئة والسلع الاستهلاكية، شكّلت التقييمات خير استدلال على الوضع الطبيعي الجديد للنمو الاقتصادي، في الوقت الذي تتواصل فيه التوقّعات بأن تشهد بعض القطاعات المتخصّصة نمواً مضاعفاً في الفترة القادمة. وفي قطاعات الرعاية الصحية، أسهمت الجهود الحثيثة نحو الخصخصة في فتح العديد من الآفاق الاستثمارية الواعدة، الأمر الذي يشكّل بيئة مواتية للمستثمرين للعمل على تحديد مصادر الصفقات من خلال بذل العناية الواجبة وإدارة الشركات الاستثمارية وفق أعلى المعايير الصارمة المتّبعة لخلق القيمة. ويأتي ذلك في وقت لم يعد بإمكانهم انتظار العروض ومن ثم العمل وفقاً لها كما الجهات الأخرى".

ومن جانبه، أوضح ماكارثر أن تحقيق الصفقات يتطلّب أسعاراً عالية، حيث أن هامش الخطأ لتوليد فائض من العائدات، أو ما يُعرف بـ "ألفا"، وتقديم عوائد مقبولة للشركاء المحدودين قد تقلّص بشكل كبير وسط توقّعات بأن تصل فترات الاحتفاظ إلى حوالى 5 سنوات. وفي هذا الإطار، يعكف الشركاء العموميون حالياً على جمع كافة التجارب من الممارسات الجيّدة وما ساهم ولم يساهم في خلق القيمة وكيفية نجاح الصناديق الاستثمارية في كسب الأموال للمستثمرين، وذلك من أجل تطوير دليل شامل يتضمّن كافة الإجراءات التفصيلية والخطوات المتتابعة لضمان تحقيق أقصى قيمة من كل استثمار.

وتَواصَل ضخ رؤوس الأموال في قطاع الأسهم الخاصة خلال العام 2016، لتكون بذلك السنة الرابعة على التوالي التي تشهد نشاطاً قوياً في جمع الأموال. وجاء ذلك في ظل الطلب المتنامي على مدار السنوات العديدة الماضية، بما دفع شركات الأسهم الخاصة عالمياً إلى جمع 589 مليار دولار أمريكي من رأس المال، في تراجع بسيط لا يتعدّى 2 بالمائة بالمقارنة مع العام 2015، مدعومةً بالطفرة الكبيرة التي حقّقها 11 من صناديق الاستحواذ الضخمة التي تجمع ما يزيد على 5 مليارات دولار والتي نجحت خلال العام الماضي من جمع 90 مليار دولار مجتمعةً.

وفي الوقت الذي يتخوّف فيه الشركاء العموميون من عدم قدرة القطاع على المضي قدماً بالوتيرة نفسها في جمع الأموال، يتوقّع "تقرير الأسهم الخاصة العالمية" الصادر عن "بين آند كومباني" أن تستمر التوزيعات في التفوّق على المساهمات وأن يواصل الشركاء المحدودين التزامهم المتين بالاستثمار في الأسهم الخاصة. ومع ذلك، من المتوقّع ألا تحافظ بيئات جمع الأموال على مكانتها كبيئة مفضّلة للمستثمرين في السنوات القادمة، بما يفرض على الشركاء العموميين بذل المزيد من الجهود والتركيز على العوامل والمقوّمات التي من شأنها تعزيز قدراتهم التنافسية في القطاع.

أخبار مرتبطة