توجهات الطاقة في العام 2017

الأحد 22 يناير 2017
الدكتور وليد فياض، نائب الرئيس التنفيذي لدى بوز ألن هاملتون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا

دبي - مينا هيرالد: يعتبر التغيير السمة المميزة لقطاع الطاقة العالمي في العام 2017. لقد شكّلت مجموعة الضغوطات الداخلية والخارجية في قطاع النفط والغاز، كما في قطاع الطاقة الكهربائية، حافزا للتغيير، الأمر الذي دفع المسؤولين عن القطاعين إلى مراجعة الاستراتيجيات المعتمدة.
إستمر قطاع النفط والغاز بتأمين فائض من الإنتاج في العام 2016، وقد أدى ذلك الفائض الى تخفيض إنتاج النفط الصخري الأميركي ولكنه فشل في رفع الطلب الى المستوى اللازم لإعادة التوازن الى الأسواق العالمية.
أثر استمرار تدني سعر النفط العالمي على انكماش الإنفاق الحكومي، الا أن السعي لتحقيق التنوع الاقتصادي والحدّ من الاعتماد على النفط يشجّع على تعزيز الاستثمار في القطاعات الواعدة، منها قطاعات العقارات والبناء والضيافة والسياحة والتعليم. كما تركّزت الجهود الوطنية (المحلية) على تحسين الكفاءة التشغيلية في مختلف القطاعات بما في ذلك قطاع المرافق العامة المؤهل للاستفادة بشكل كبير من الحلول الرقمية.
اعتمد قطاع المرافق العامة سياسات استثمارية حدت من الانفاق في مجال تقنية المعلومات. فيما بدأ عدد متنام من الشركات في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بتبني الحلول التكنولوجية، وبشكل أدق، حلول الشبكات الذكية لما لها من فوائد ومميزات.
تشهد سلسلة التزويد التقليدية في قطاع المرافق العامة تغييرا مدعوما بشكل أساسي من التشريعات والسياسة العامة الى جانب وفرة الغاز الطبيعي بكلفة منخفضة، والانخفاض الكبير في تكلفة إنتاج وتخزين الطاقة المتجددة.
وقال الدكتور وليد فياض، نائب الرئيس التنفيذي لدى بوز ألن هاملتون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا: "تشكّل الطاقة والتكنولوجيا حجر الزاوية للاقتصادات العالمية وتؤديان دورا أساسيا في دعم النجاح التشغيلي في كافة القطاعات الأخرى. وفي حين أصبح الابتكار والتغيير التكنولوجي القاعدة المتبعة عبر منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، نحن نشهد بشكل متزايد مواكبة المشرّعين وصنّاع القرار لتوجّهات التغيير في قطاع الطاقة، من دعم الطاقة المتجددة، ونشر العدادات الذكية، وتحديث الشبكة بالإضافة إلى استخدام تقنيّة البيانات الكبيرة، والخدمات السحابية. ونتوقّع أن يؤدي تطبيق تلك التقنيات إلى المزيد من الكفاءة التشغيلية، خصوصا مع استمرار تدني أسعار النفط لفترة مطوّلة".
وقال الدكتور أدهم سليمان، نائب الرئيس لدى بوز ألن هاملتون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا: "لقد برز تحليل البيانات كأحد التوجّهات الرئيسية التي سترسم ملامح قطاع الطاقة في العام 2017. وتدخل البيانات الكبيرة لتغير طريقة عمل قطاع الطاقة على المستوى العالمي، وذلك من خلال تخفيض التكاليف، وتعزيز الاستثمارات وتخفيض المخاطر بشكل عام. ينبغي على المؤسسات في الشرق الأوسط وضع استراتيجيات رقمية شاملة بما يضمن رفع مستويات القدرة الرقمية وذلك في سبيل تحقيق الأهداف المذكورة وايجاد المزيد من القيمة في القطاعات غير المستثمرة".
لقد حدّدت بوز ألن هاملتون خمسة توجّهات ستؤثر على قطاع الطاقة في العام 2017:
1 – التركيز على إنتاجية إنفاق رأس المال
تؤدي التحوّلات الحاصلة في الأسواق إلى ضغوطات على تنفيذ برنامج رأس المال في قطاعي النفط والغاز والكهرباء على السواء. في قطاع النفط والغاز، ساهمت دورة تدني الأسعار لفترات مطولة في ما يختصّ بالنفط في دفع المدراء التنفيذيين ومجالس إدارة شركات النفط الشاملة وشركات النفط الوطنية وشركات خدمات حقول النفط إلى زيادة المراقبة لعمليات الاستخراج والانتاج. ويقوم المسؤولون في هذا القطاع بمتابعة دقيقة لكافة المجالات بدءا من الابتكار في تكنولوجيا المعلومات، الى مراقبة الأصول والقوى العاملة في تطوير حقول النفط بهدف تعزيز إنتاجية اليد العاملة والأجهزة. وفي قطاع الكهرباء، أثر الغاز الطبيعي المنخفض التكلفة سلبا على إنشاء مصانع الفحم الجديدة، وأصبحت الطاقة النووية عرضة للخطر نفسه. تقوم الشركات عبر قطاعات الطاقة كافة بتطبيق الخطوات اللازمة لتطوير قدرتها على إجراء تحليلات مستمرّة لمشاريع رأس المال خلال التنفيذ، كما يستحدث المسؤولون الوسائل التي تتيح لهم استخدام المعلومات لتعزيز العملية الادارية.
2 – تحقيق القيمة المؤسساتية من البيانات
شهد قطاع الطاقة، كغيره من القطاعات العديدة، زيادة كبيرة في حجم البيانات الناتجة عن العمليات مع انتشار أجهزة القياس المتطوّرة ونجح في استخلاص الفوائد الأساسية من هذه البيانات، والتي تركّز بشكل أساسي على إيجاد فرص تخفيض الكلفة من خلال تخفيض عدد العاملين وتحسين الاجراءات المعتمدة. لقد بدأت الشركات في اكتشاف قدرة البيانات على استحداث قيمة جديدة في مجالات العمل الحالية. فقد تمكّنت شركات النفط الشاملة في السنوات الأخيرة من التكيّف مع تدني الأسعار لفترات مطولة بشكل أفضل من الشركات المنافسة غير الشاملة وذلك بفضل أعمالها في مجال التكرير وإنتاج البتروكيماويات. وعلى الرغم من ذلك، تفتقر معظم الشركات الى القدرة في استعمال البيانات المتوفرة لديها لتحقيق فهم أفضل لبيع منتجاتها في الأسواق العالمية ويقوم علم تحليل البيانات على تحسين هذا الوضع من خلال تعزيز القدرة على تحليل التوجّهات للاستفادة منها بشكل أفضل. بالإضافة الى ذلك، يخضع مجال السلامة والموثوقية لتغيير مماثل ، ويتيح للمهندسين فهما أفضل لحدود التشغيل الآمن مع التركيز على زيادة الانتاجية التشغيلية. أما في المجال التنظيمي، فتقوم الشركات في قطاع الطاقة بتطوير فرق عمل مركزية متخصصة في علم البيانات، تجمع فيها بين الموظفين القدامى لما يحملون من خبرات تشغيلية وعملية طويلة، وموظفين متخصصين في مجال علم البيانات. وتجهد الشركات لترجمة ما يقدّمه علم تحليل البيانات من فرص النمو في الأعمال.
3 – استخدام الأسواق لتحديد الشبكة المستقبلية
إن دعم القطاع العام لاعتماد الطاقة المتجددة، ونشر العدادات الذكية وتحديث الشبكة على مدى السنوات الخمس الماضية عبر اعتماد معايير إلزامية، وتقديم الدعم المادي المباشر أو غير المباشر، هي عناصر قد أظهرت فعاليتها في تخفيض تكاليف تقنيات الطاقة المتقدمة، وساهمت في توسيع نطاق انتشارها. وفيما يقوم المشرّعون وواضعو السياسات بالنظر في الأمور المستقبلية، فإنهم ينتقلون من مقاربة تعتمد على تقديم الدعم المادي وتوفير المعايير الى مقاربة يحركّها السوق. بهدف إرساء قاعدة للأسواق المستقبلية، يتطلّب المشرّعون فهما أعمق للقيمة التي تقدّمها مصادر الطاقة المتوزعة عبر الشبكة، لكي يحصل بالتالي أصحاب مصادر الطاقة المتوزعة على التعويض العادل. وهذا يعني أنّه يترتّب على قطاع المرافق العامة، ولا سيّما في توفير خدمات التجزئة، تحقيق فهم كامل دقيق لكيفية عمل الشبكة الى جانب قدرتها على متابعة تطوّر الشبكة مع توسع مصادر الطاقة المتوزعة. هذا يعني في نهاية المطاف، العمل في أسواق توفّر للمستهلك عددا كبيرا من الخيارات.
4 – توسيع نطاق السلامة الأمنية ليشمل النشاط التشغيلي
مع التزايد في اعتماد أجهزة القياس الذكية التي شهدت مؤخرا ارتفاعا في التهديدات التي تطال أنظمة التحكم الصناعي كونها تمثّل مجموعة متنامية من التقنيات المستخدمة في الشبكات. بدأت أنظمة التحكّم الصناعية بأتمتة حركة الطاقة عبر الشبكة الكهربائية وتدفق النفط عبر الأنابيب. ومع ازدياد جرأة المهاجمين السيبرانيين، أدرك هؤلاء الأثر التشغيلي والأمني والاقتصادي الناتج عن الهجمات على البنية التحتية لأنظمة التحكّم الصناعية. ونتيجة لذلك، ستزيد الشركات تركيزها على السلامة الأمنية لتشمل حدودا تتخطى منظارها التقليدي.
5 – الابتكار هو نقطة التحوّل بالنسبة للتقنية السحابية
يعتمد قرار تحويل البنية التحتية لتقنية المعلومات من الخوادم الثابتة في الموقع الى نموذج الخدمة العاملة على التقنية السحابية، بشكل رئيسي على عامل التكلفة. وانطبق هذا الأمر على العديد من الأنظمة المؤسساتية في شركات النفط الكبرى، لكن الابتكار هو الذي يوجّه الموجة الحالية للتحوّل نحو التقنية السحابية في وحدات الأعمال التشغيلية في تلك الشركات. إن الزيادة الملحوظة في تحليل البيانات ضمن وحدات الأعمال والتي تهدف الى استحداث قيمة إضافية توفّرها المرونة التي تتيحها التقنية السحابية.

أخبار مرتبطة