استراتيجية التحول لقطاع البتروكيماويات في دول مجلس التعاون الخليجي

الإثنين 18 ديسمبر 2017
ميركو روبيس
دبي - مينا هيرالد:

أصدرت مجموعة بوسطن كونسلتينج جروب (BCG)، بالتعاون مع الاتحاد الخليجي للبتروكيماويات والكيماويات (جيبكا) مؤخرا تقريرها "الدمج كطريق نحو التحول"، والذي يبرز الدمج كضرورة أساسية لقطاع البتروكيماويات في دول مجلس التعاون الخليجي للحفاظ على قدراتها التنافسية على المستوى العالمي. ويكشف التقرير الستار عن دور الدمج في دعم النمو، وتوليد القيمة، وزيادة القدرة التنافسية للمنتجين في دول مجلس التعاون الخليجي.

وفي هذا الإطار قال ميركو روبيس، الشريك ومدير إداري في مجموعة بوسطن كونسلتينج جروب: "تلعب التطورات المتعددة -الداخلية والخارجية – في السوق دوراَ هاماً في إعادة تشكيل قطاع البتروكيماويات في منطقة الشرق الأوسط. ونحن نعتقد بأن الدمج يمثل الطريقة الفعالة لتحقيق التحول الإيجابي للمنتجين في دول مجلس التعاون الخليجي".

محركات الدمج على المستوى العالمي

ومنذ بداية الأزمة المالية العالمية، ارتفعت عمليات الدمج والاستحواذ في قطاع المواد الكيميائية من 38 مليار دولار في عام 2009 وصولاً إلى رقم قياسي بلغ 166 مليار دولار في العام 2017. وساهم دمج القطاعات في تحقيق أكثر من 50٪ من صفقات الدمج والاستحواذ خلال هذه الفترة، وسجلت نتائج التقرير بأن 80٪ من الصفقات العالمية تمت في أمريكا الشمالية وأوروبا والصين.

ويشكل النمو العامل المحرك الرئيسي للقيمة والمساهم الاساسي في عائدات المساهمين على المدى الطويل. ويمكن أن يلعب الدمج دوراً حيوياً في تعزيز النمو وتوليد القيمة بطرق متعددة. وتشهد العديد من الشركات نمواً متصاعداً بفضل دمج القطاعات القائمة لتصبح رائدة في السوق، ويترجم هذا الى قيمة، ليس من ناحية زيادة الأسواق وشمولية البرامج فقط، ولكن من ناحية تحسين شبكة المواقع، وهيكلية التكاليف ومنظومة الموردين. وتلجأ الشركات لعمليات الدمج أيضاً لتحقيق التكامل في سلسلة القيم بشكل أكبر والحصول على المزيد من القيمة، وكما هو الحال في معظم سلاسل القيم، فإن "مصادر القيم" تميل إلى التوجه نحو الاستثمار في آبار ومنابع النفط أو إلى تكرير النفط وتسويقه ونقله، كما أن زيادة تغطية سلسلة القيمة توفر استقرارا أعلى لهوامش الربح بمرور الوقت. وثمة بديل آخر للشركات يتمثل في التحول إلى عمليات الدمج والاستحواذ لتنويع النمو إلى منصات جديدة كلياً، بما في ذلك الدمج، ومن ثم التنقيب عن نشاطات أعمال مختلفة لجعل محافظها أكثر تماسكا.

وقال أودو يونغ، شريك أول ومدير إداري في مجموعة بوسطن كونسلتينج جروب: "تتطلع كل شركة إلى تحقيق قيمة عالية لمساهميها، إلا أن الحفاظ على خلق قيمة عالية لفترات طويلة من الزمن يشكل تحديا كبيراً، ذلك أنه في بيئة بطيئة للنمو، توفر عمليات الدمج والاستحواذ للشركات إمكانيات نمو مشابهة وإمكانية تحقيق أرباح وهوامش ربحية أعلى".

خيارات المنتجين في دول مجلس التعاون الخليجي

أدى الانخفاض المستمر في أسعار النفط إلى تخفيض هامش المزايا التي يتميز بها المنتجون في الشرق الأوسط تاريخيا على نظرائهم في أوروبا وآسيا. وإضافة إلى ذلك، فإن العوامل الإقليمية، كانخفاض توافر الإيثان الخام في المنطقة، وإلغاء الدعم عن المواد الخام والمرافق العامة، والطلب المحدود على المواد الكيميائية المصنعة محليا، تشكل مزيداً من الضغط على الهوامش الربحية للمنتجين في دول مجلس التعاون الخليجي.

وأضاف روبيس: "بالنظر إلى التعزيز المتسارع الذي نشهده في مجال البتروكيماويات على الصعيد العالمي، يؤدي ذلك إلى زيادة قدرة التنافسية للشركات العالمية مقارنة بشركات دول مجلس التعاون الخليجي. الأمر الذي يجب أن يدفع بالشركات الخليجية لاتخاذ إجراءات فورية للاستجابة للوضع العالمي وتعزيز تنافسيتها في الأسواق".

"وبالنسبة لقطاع البتروكيماويات في دول مجلس التعاون الخليجي، سيوفر الدمج العديد من المنافع والمزايا. وستمنحها القدرة على الريادة في السوق، إضافة إلى تمكينها من تعزيز كفاءة بعض المنتجات، لا سيما تلك التي تعتبر دون مستوى المعايير العالمية في دول مجلس التعاون الخليجي. سيؤدي بالتالي إلى تحقيق التوازن في محافظها واتباع منهجية أكثر تركيزا، عدا عن تعزيز القدرة التنافسية للتكلفة للمساعدة في بناء معايير خاصة للشركات الصغيرة القائمة بذاتها، عن طريق تخفيض التكاليف وتحسين الكفاءة، ما يعزز القدرات من خلال دمج الشركات معا. ما سيعزز من جاذبيتها للشركاء المحتملين، حيث يسعى منتجو دول مجلس التعاون الخليجي إلى تحقيق أهداف عالمية في مجال تنويع موادهم الأولية ".

إن الدمج لا يعني أن يكون الاندماج كاملاً للشركتين. في الواقع، يمكن للشركات تعزيز القيمة من خلال دمج بعض الوظائف والخدمات. على سبيل المثال، يمكن للمشتريات المشتركة من قبل مجموعة من الشركات أن تقلل من تكاليف الشراء أو على سبيل المثال، يمكن للخدمات المشتركة المخصصة تعزيز الكفاءة في خدمات الدعم.

ولتحقيق الدمج على النحو الأمثل، يسلط التقرير الضوء على الضرورات الأساسية التي يجب على المنتجين الخليجيين النظر فيها قبل البدء بعملية الدمج:

  • الجاذبية المستقلة المميزة. وينبغي على الشركات أن تكون جذابة في الأساس (على الرغم من أنه قد يتم الطعن في بذلك نتيجة النقص في الحجم والموارد)، فالدمج لن يحل جميع المشاكل.
  •  توازن المحفظة. ينبغي أن تكون محفظة المنتجات محددة ومتماسكة لتعزيز مكانتها في السوق ضمن سلاسل محددة للقيم.
  • التعاون. ينبغي أن يكون للتعاون في مجال التسويق أو لكفاءة التكاليف أثر كبير على النتائج النهائية، ومع ذلك، ينبغي للشركات أن تكون محافظة وان تتجنب الإفراط في تقدير أوجه التعاون.
  •  خيارات إضافية للقيمة الاستراتيجية. ينبغي أيضا إيلاء اهتمام دقيق لتقييم الميزة الاستراتيجية للدمج (مثال التحركات الاستباقية للمنافسين).
  • جدوى المعاملات. من المعلوم بأن العديد من المعاملات، التي قد تبدو جذابة جدا من الناحية النظرية، لم تتحقق بسبب مخاطر التنفيذ (مثل التقييم، والمخاطر القانونية / المالية، ومخاطر الدمج). وفي حالة وجود عقبات تنظيمية في الشرق الأوسط، يمكن أن تشكل البنية التحتية غير الكافية لعمليات الدمج والاستحواذ تحديات كبيرة، وعلى الشركات أخذ ذلك بعين الاعتبار.
  • التكامل الناجح بعد الدمج. حتى وإن كان هدف الدمج مناسبا، فإنه يتطلب تكاملا ناجحا بعد الدمج لضمان تحقيق الأهداف المرجوة.

أخبار مرتبطة