تقرير بي سي جي يُوضح الإجراءات الستة الضرورية لتمكين القيادات النسائية المستقبلية في الإمارات العربية المتحدة

الأربعاء 20 سبتمبر 2017
دبي - مينا هيرالد:

لا يزال موضوع التنوع بين الجنسين في القوى العاملة من الأمور الناشئة في منطقة مجلس التعاون الخليجي، حيث تختلف مستويات مشاركة المرأة باختلاف البلدان، والقطاعات، وأحجام المؤسسات؛ وبالتالي، فإن العديد من المؤسسات قد تفقد إمكانات النمو الكبيرة التي تعتمد عادة على وجود تنوع في القوى العاملة. وقد شهدت دولة الإمارات العربية المتحدة – على وجه الخصوص – ارتفاعاً في مشاركة الإناث من 34% في العام 2000 إلى 46% في العام 2014، وذلك بحسب تقرير صدر مؤخراً عن مجموعة بوسطن كونسلتينج جروب، بعنوان "كيف يمكن للمؤسسات في الشرق الأوسط تعزيز التنوع بين الجنسين "، حيث يناقش التقرير السُبل التي يمكن للمؤسسات الموجودة في دول مجلس التعاون الخليجي تبنيها لتعزيز التنوع بين الجنسين بشكل متكامل ومواصلة إعداد قادة المستقبل من أجل تحقيق تأثيراً إيجابياً على المستويين التنظيمي والاقتصادي.

ووفقاً للتقرير، فإن عدم المساواة بين الجنسين يؤدي إلى انخفاض في متوسط الدخل العالمي بنسبة 13.5%، ويرجع ذلك إلى وجود نوعين من الخسائر أولهما لوجود فجوة في الخيارات المهنية والثاني بسبب الفجوات الموجودة في مشاركة القوى العاملة. وبلغت هذه الأرقام أدنى مستوياتها في أوروبا بنسبة 10%، لتصل إلى أعلى مستوياتها في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بنسبة 27%. ومنذ عام 2000، شهدت جميع دول مجلس التعاون الخليجي تحسناً كبيراً في مشاركة المرأة في القوى العاملة، حيث شهدت دولة الإمارات العربية المتحدة على وجه التحديد ارتفاعاً من 34% إلى 46%؛ إلا أنه يظهر أن زيادة مشاركة المرأة في القوى العاملة بدولة الإمارات العربية المتحدة، قد رافقها زيادة في معدل بطالة الإناث، ويرجع ذلك بشكل جزئي إلى ارتفاع التحصيل العلمي العالي لدى الإناث دون أن يقابله ذلك زيادة في الفرص الملائمة في سوق العمل.

وتعليقاً على التقرير، أفادت د. ليلى حطيط، الشريك والمدير الإداري لمجموعة كونسلتينج جروب: "أن إعداد وتمكين القيادات النسائية المستقبلية، يتطلب جهوداً حثيثة من الرؤساء التنفيذيين وكبار المدراء لتعزيز التنوع بين الجنسين في مؤسساتهم، واعتبار ذلك جزءاً أساسياً من الأهداف الاستراتيجية لمؤسساتهم وضمان التواصل والمشاركة على مستوى المؤسسة بأكملها. وعلى وجه الخصوص، يعد التزام المستويات الإدارية المتوسطة أمراً جوهرياً، إذ أنهم يقومون بالتواصل والتفاعل اليومي مع الموظفين، إضافة إلى مسؤوليتهم عن تقييم الأداء ومنح الترقيات".

وقد نجحت المؤسسات الكبرى في دول مجلس التعاون الخليجي بشكل خاص في تنفيذ أحدث الخطط والترتيبات المرنة المرتبطة بالموظفات من الإناث. ومع ذلك، فإن نجاح هذه المبادرات يعتمد بالدرجة الأولى على معالجة القضايا الهامة بشكل صحيح وإطلاق وتنفيذ المبادرات التي يمكنها استقطاب السيدات الخليجيات ذوي الكفاءة، كقوانين العمل المرنة والسياسات الشاملة.

التنوع والاندماج: تحديد العوائق وسد الفجوة

ورغم التطور الذي نشهده في مجال التنوع بين الجنسين، إلا أن العديد من دول مجلس التعاون الخليجي تشهد تحيزاً ثقافياً ويُنظر إلى المرأة على أنها غير مؤهلة للقيام ببعض الوظائف أو المهام، كما يمكن أن تمثل اللوائح والقوانين عائقاً في تحقيق التنوع بين الجنسين على الرغم من التطورات الكبيرة التي حدثت خلال السنوات الخمس إلى العشر الماضية.

التحيز الثقافي والافتقار إلى البيئة الداعمة – في البيئة التي لا يزال يسودها التحيز الثقافي ضد النساء العاملات في بعض القطاعات أو الوظائف، يمكن أن يكون تبني حصص نسبية من الوظائف بمثابة استراتيجية ناجحة على المدى القصير كوسيلة لتخطي حاجز التحيز الثقافي من خلال إتباع سياسة "فرض" هذه التوجه بتوظيف نسبة معينة من النساء من بين القوى العاملة في المؤسسات. ومع ذلك، فإن قرار فرض الحصص أم لا يتوقف على الدولة وحدها ورؤية قادتها فيما إذا كان بالإمكان تحقيق تقدم ملموس دون الحاجة إلى فرض حصص نسبية، وعلى سبيل المثال؛ أصدر مجلس الوزراء الإماراتي في العام 2012 قانوناً يقضي بأن تحتفظ المؤسسات المدرجة والهيئات الحكومية بنسبة 30% على الأقل من مقاعد مجالس إدارتها للنساء.

ستة إجراءات لتمكين القيادات النسائية المستقبلية في دول مجلس التعاون الخليجي

ومن أجل إعداد وتمكين النساء اللاتي سيصبحن قادة المستقبل، هناك ستة إجراءات يتعين اتخاذها:

1-  تبني التنوع بين الجنسين كهدف استراتيجي – حيث يتعين على المؤسسات أن تجعل التنوع بين الجنسين جزءاً أساسياً من أهدافها الاستراتيجية ووضعه على رأس أولوياتها من خلال إدراجه ضمن القّيم الأساسية للمؤسسة، مع الإشارة إليه بشكل صريح كهدف استراتيجي، إلى جانب وضع مؤشرات الأداء الرئيسية المتعلقة بالتنوع بين الجنسين ليتم رصدها بشكل منتظم ورفع تقارير عنها إلى القيادة العليا و/أو نشرها في تقارير المؤسسة المتعلقة بالاستدامة؛ وإضافة الموضوعات المتعلقة بالمرأة ضمن المواضيع المتعلقة بالمسؤولية الاجتماعية للمؤسسات.

2- ضمان مشاركة القيادات العليا والإدارة المتوسطة – إحدى العقبات الرئيسية التي واجهتها العديد من المؤسسات هي المشاركة المحدودة للإدارة العليا في مبادرات التنوع بين الجنسين.  عدد قليل من القادة يشاركون ويتناولون التنوع بين الجنسين على المستوى الداخلي في مؤسساتهم. ونتيجة لذلك، فإن الإدارة المتوسطة تبقى غير مطلعة على أهمية هذا الموضوع، مما يؤدي إلى خلق هوة بين مساعي القيادات العليا وما يتم تنفيذه على أرض الواقع.

3- تعزيز استمرار واستبقاء النساء ذوي الكفاءات العليا – من أجل تعزيز مكانة المرأة ذات الكفاءة العالية على نحو كبير ومستدام، ومواصلة عملها لأطول فترة ممكنة في مركزها الوظيفي الحالي، يتعين على المؤسسات تبني أفضل الممارسات من خلال ضمان أن تكون المؤسسة مكاناً جاذباً للعمل بالنسبة للمرأة. وعلى الرغم من أهمية ضمان استمرار وفعالية قوانين العمل المرنة وجعلها مناسبة أيضاً للرجال، فمن الأهمية بمكان أيضاً تعزيز وجود الثقافة والسياسات الشاملة بالاعتماد على القنوات الرسمية وغير الرسمية في سبيل تحقيق ذلك.

4- دعم تنمية وتطوير المرأة – توفير الدورات التدريبية المخصصة للنساء، وذلك بهدف مساعدتهن للتعرف على نقاط قوتهن والاستفادة منها والتغلب على التحديات التي تواجههن في بيئة العمل الحالية التي يهيمن عليها الذكور. ومن الأمثلة على الدورات التدريبية التي يمكن توفيرها لهن، ورش العمل المتعلقة "بالقوة الذهنية" أو " مهارات التحدث" أو "بناء العلامة التجارية الشخصية" حيث أثبتت هذه الدورات نجاحها في تقوية شخصية المرأة ومنحها القدرة على مواجهة التحديات المختلفة، من خلال وضع البرامج التطويرية التي تستهدف المرأة، كبرامج القيادة والمشاركة في الفعاليات الاجتماعية المخصصة للمرأة.

5- الدعوة إلى تولي المرأة المراكز القيادية عبر الترويج الإيجابي للأدوار الاستثنائية للسيدات الناجحات في المناصب العليا – اعتبرت العديد من المؤسسات التي شاركت في الدراسة بأن العدد المحدود من النماذج النسائية الناجحة في المناصب الرفيعة يمثل عائقاً رئيسياً في وجه التنوع بين الجنسين داخل المؤسسات والشركات، وغالباً ما تتحمل السيدات مسؤولية غياب النماذج الناجحة التي يمكن الاحتذاء بها. إن التفاعل مع السيدات الناجحات واكتساب الخبرات منهن ومحاولة الاستلهام بهن يعتبر وسيلة فعالة لكسب الثقة وزيادة النجاح لدى السيدات الأخريات وتنمية قدراتهن، حيث أدى تسليط الضوء على النماذج الناجحة من السيدات اللواتي يتقلدن المناصب العليا، وترقية السيدات لمناصب الرؤساء التنفيذيين ومشاركة السيدات في مجالس الوزراء والحكومات، إلى تحقيق نتائج مبهرة في مجال التنوع بين الجنسين على مستوى دول مجلس التعاون الخليجي. وفي أكتوبر 2008، أدت أول قاضية في الإمارات العربية المتحدة اليمين الدستورية. وذكرت مؤسسة دبي للمرأة أنه وعلى أثر هذا التعيين، أظهرت العديد من السيدات الإماراتيات اهتمامهن باتباع هذا المسار وتحقيق ذاتهن وتولي المناصب القيادية العليا، وكان الأمر ذاته قد حصل في عام 2007 إثر تعيين أول سيدة لقيادة طائرة حربية في دولة الإمارات العربية المتحدة، والتي ترأست مهمة حربية لسلاح الجو الإماراتي في الخارج عام 2014.

6- ضمان الإنصاف وإزالة التحيزات الواعية أو غير الواعية – جانب محوري أخر في هذا المجال يتبلور في التصدي للتحيز الجنسي غير الواعي المحتمل لدى القادة والمديرين المسؤولين عن عمليات التقييم وإدارة الأداء، ولحل هذه المسألة هناك أدوات يمكن الاستفادة منها والتي تشمل: نشر جدول أعمال التنوع بين الجنسين على أوسع نطاق، وتنظيم وإجراء الدورات التدريبية للموظفين الذكور لإزالة أي نوع من أنواع التحيز ضد توظيف النساء أو تطوير قدراتهن وتعزيز كفاءاتهن.

وفي هذا الإطار أضافت د. ليلى حطيط قائلة: “إن استبقاء الموظفين وتطوير وبناء المهارات القيادية تعتبر المجالات الرئيسية التي ينبغي على المؤسسات والشركات تركيز جهودها فيها. ويعد إتباع أفضل الممارسات للحفاظ على الكفاءات، وضمان الإنصاف وتكافؤ الفرص، وإزالة التحيزات الواعية وغير الواعية، وتعزيز ودعم السيدات الناجحات في المناصب القيادية هي الأدوات الرئيسية لتعزيز التنوع".

أخبار مرتبطة