ماذا يوفر مفهوم "اللعب لصقل المهارات" للمتخصصين في الموارد البشرية بالمنطقة؟

الإثنين 18 ديسمبر 2017
سابين هانسن بك

بقلم سابين هانسن بك، مديرة الموارد البشرية، مجموعة أماديوس لتكنولوجيا المعلومات

منذ تسلمي لمسؤليات منصبي كرئيس للموارد البشرية في "أماديوس"، والتي تركز أنشطتها حول الحلول التكنولوجية المتطورة، فقد توجب علي العمل باستمرار على تطوير مهارات العاملين لدى الشركة، والذين يتخطى عددهم الـ15,000 موظفاً موزعين في أكثر من  100 دولة مختلفة في أرجاء العالم. ومن ضمن مسؤولياتي، فيقع على عاتقي مهمة إرساء دعائم ثقافة مبتكرة تساهم بتحفيز الموظفين على مشاركة خبراتهم وأفكارهم، سواءً ضمن فريق عملهم أو مع فرق العمل الأخرى، وتندرج هذه المسؤولية في إطار الحفاظ على ريادة أعمالنا القائمة على المعرفة، لا سيما في ظل التطور المتسارع الذي يشهده القطاع الذي نعمل فيه.

لكن المناخ العالمي لقطاع الأعمال قد يزيد من صعوبة هذه المهمة، حيث أن الهيكلية المؤسسية للعديد من المؤسسات في الوقت الراهن تضم موظفين من جنسيات مختلفة، يعملون في مواقع متعددة، وهذا بالطبع نتيجة طبيعية للعولمة الاقتصادية، ويقود ذلك إلى نشوء تباينات ثقافية تتجلى في طرح الموظفين لآرائهم أو تلقيهم لها. وبعد الإمعان في هذا التحدي، أيقنت أن غرس ثقافة مؤسسية للتعبير عن الآراء، يتطلب الإيمان في مستقبل واعد. ومن هنا، جاءت فكرة دمج أساليب "اللعب لصقل المهارات" أو الـ"Gamification" في إدارة الموارد البشرية، في إطار سعينا لإيجاد حلٍ مستدام لهذه التحديات.

ما هو مفهوم "اللعب لصقل المهارات"؟

ركزت الدراسات والأبحاث خلال السنوات الماضية على تقديم الدعم وإبراز الإمكانات الهائلة التي يقدمها مفهوم "اللعب لصقل المهارات". وقد توقع 53% من الأفراد الذي شملهم استبيان أجراه "مركز بيو للأبحاث" توسعة رقعة استخدام هذا المفهوم المبتكر  بحلول عام 2020.

مما لا شك فيه أن الألعاب تتيح لنا اختبار  أنماط جديدة من السلوك البشري في بيئة آمنة ومرحة. كما تمكننا من استيعاب مفاهيم معقدة جداً والتعلم بوتيرة سريعة وبشكل بديهي، بدون الانتباه أننا نكتسب المعارف. وعند اختبار الأنماط السلوكية الناجمة عن اللعبة على أرض الواقع مراراً وتكراراً، يكتسب اللاعبون ثقة تدفعهم لتطبيق هذه المفاهيم والسلوكيات بأمان في الحياة الواقعية. وليس هذا فقط، بل  يوجد منفعة جوهرية  لمفهوم "اللعب لصقل المهارات" تكمن في قدرتها على تمكين إدارات الموارد البشرية في الشركات والمؤسسات على تدريب الآلاف من الموظفين حول العالم في آن معاً.

ومع ذلك، فإن معدلات تبني استراتيجيات "اللعب لصقل المهارات" في البرامج التطويرية والتعليمية تبقى منخفضة إلى حد ما في منطقة الشرق الأوسط. على الرغم من حقيقة أن محترفي التكنولوجيا من جيل الألفية، الذين يعتبرون القوة الدافعة لمفهوم "اللعب لصقل المهارات"، يشكلون نسبة كبيرة من الكوادر البشرية في المنطقة، ويظهر ذلك جلياً في دول مثل الإمارات، حيث تحرص إدارات الموارد البشرية في الشركات والمؤسسات على استقطابهم ومنحهم الفرص الوظيفية.

ويمكن لمفهوم "اللعب لصقل المهارات" أن يكون أداة قوية تعزز إنتاجية القوى العاملة وترتقي بتفاعلهم، لكن جل ما يتطلبه الأمر ،التطبيق الصحيح.

وقت للعب أثناء العمل

يكمن التحدي الذي لطالما يردده مدراء الموارد البشرية على مسامعي، هو كيف يطبقون مفهوم "اللعب لصقل المهارات" على قطاعات أعمالهم المختلفة. قد تبدوا مهمة شاقة، لكن الحقيقة غير ذلك.

نستحضر هنا مثالاً وهو شركة "أماديوس" ، فقد تعاونا عن كثب مع شركاء رفيعي الخبرة في إطار تطوير لعبتنا الخاصة، "طاقم أماديوس". وبوصفنا شركة للحلول التكنولوجية المتطورة لقطاع السفر العالمي، فإنه من الطبيعي أن نقوم بإعداد لعبتنا على غرار قمرة القيادة في الطائرة، بما يمثل خياراً مثالياً، لأنه عند قيادة الطائرة، يتوجب على قائدها التواصل بفاعلية مع مساعده وباقي طاقم الطائرة، حتى لو كان هذا القائد الأفضل على الإطلاق من الجانب الفني.

تركز اللعبة في نهاية المطاف على السلوكيات المطلوبة أو غير المرغوب بها. ومبدأ ذلك بسيط جداً: يتقمص اللاعب خلال الرحلة دور أحد أعضاء طاقم الطائرة، ومن الممكن أن يكون قائدها، أو رئيس طاقم العمل. وتقدم كل رحلة حالات وتجارب مختلفة يتوجب على اللاعب وضع حلول لها باللجوء إلى استخدام الآراء وردود الأفعال بفاعلية، وفي هذا السياق تتيح كل تجربة للاعب تعلم التعبير عن رأية أو الإنصات لآخر . وقد تلقى  هذا المفهوم الأساسي إلى حد ما، ردود فعل إيجابية من الغالبية العظمى في فرق عملنا.

اغتنام الإمكانات الواعدة لمفهوم "اللعب لصقل المهارات"

أولاً، عند اختبار برنامجكم الخاص القائم على مفهوم "اللعب لصقل المهارات"، فإن أكثر ما يهم هو الاستماع للموظفين. ويعتبر اكتساب فهم معمق حول كيف يقوم المستخدم النهائي بالتفاعل مع اللعبة، جزءاً لا يتجزء من تحقيق نجاحها. لذلك عند البدء ببناء تصور استراتيجي لها، سؤال واحد يجب أن يشغلك، لماذا أستخدم هذه اللعبة؟

ثانياً، اجعلها لعبة سهلة وبديهية، عند تصميم لعبة للموظفين، فإنه من المهم الأخذ بعين الاعتبار كيف سيقوم هؤلاء الموظفون باستخدامها. إذا كانوا سيلعبون بها عبر أجهزتهم المتحركة، يتوجب التأكد من مدى قابلية استخدام اللعبة على شاشات هذه الأجهزة. كما يرغب الموظفون بالتمكن من فهم محتوى اللعبة بسهولة، لذا ابتعد عن التعقيد.

ثالثاً، تذكر إضفاء عنصر المرح. تقدر "جارتنر" أن 80% من جهود تبني مفهوم "اللعب لصقل المهارات" لتعزيز إمكانات القوى العاملة لم يكتب لها النجاح نظراً لنقص الإبداع والمغزى. ومع ما تقدمه لنا الألعاب من الأصوات والصور والفيديوهات والنصوص، إلى جانب تقنياتها المتطورة كالمنافسة ولوائح الترتيب ووسائل التواصل الاجتماعي والاستكشاف والتحدي، يتوجب على الشركات اغتنام هذه الفرص والمزايا لتحقيق النجاح، وحال القيام بذلك، سنحصل على  النتائج والتي تتمثل في تعلم سريع وتحسن لافت في الحفاظ على فاعلية المفهوم وتكرار العمل به على المدى الطويل.

عبر البرامج القائمة على مفهوم "اللعب لصقل المهارات"، يتمكن الموظفون بشكل أفضل من تعلم واستيعاب مفاهيم بالغة التعقيد بأسلوب أكثر سلاسة وسهولة بالمقارنة مع تقنيات التعلم التقليدية. وفي عالم ديناميكي ومعقد بشكل متزايد، شكلت ردود الأفعال حول البرامج المماثلة عنصراً أساسياً في التعليم والتعاون والتفاعل.

 

أخبار مرتبطة