دبي في قائمة الوجهات العشر الأكثر جذباً للعمالة في العالم وفقاً للدراسة الحديثة التي أجرتها مجموعة بوسطن كونسلتينج جروب و"ذا نيتويرك"

الإثنين 02 يوليو 2018
دبي - مينا هيرالد:

-تراجعت رغبة الناس في الانتقال للعمل في الخارج في السنوات القليلة الماضية، مما أدى إلى إضعاف أحد الحلول التي كانت تعتمد عليها الدول والشركات لمعالجة المشكلات المتعلقة بالقوى العاملة، وذلك وفقاً لدراسة جديدة أجرتها مجموعة بوسطن كونسلتينج جروب (BCG) ) و"ذا نيتويرك". ووجدت الدراسة أيضاً أن الموظفين، بشكل عام، ما زالوا يركزون بشكل أكبر على المكافآت التي يمكن أن يحصلوا عليها في بيئة العمل، مثل تلك التي تقدمها العلاقات الشخصية الجيدة في المكتب، بدلاً من التعويض.

واستناداً إلى الدراسة، تم إصدار تقرير يحمل عنوان "استكشاف توجهات المواهب العالمية للعام 2018. وبحسب الاستبيان الذي شمل نحو 366 ألف عامل إضافة إلى 6000 موظف في شركات توظيف في 197 دولة حول العالم، فقد عبَر 57٪ من جميع العمال الذين شملتهم الدراسة عن رغبتهم بالانتقال إلى بلدٍ آخر للعمل. وعلى الرغم من أن هذا العدد ربما يبدو كبيراً، إلا أنه أقل بنحو 7 نقاط مئوية عما كان عليه في عام 2014، عندما أجرت "بي سي جي" (إحدى شركات الاستشارات الإدارية الرائدة على مستوى العالم والمتخصصة في مجال استراتيجيات الأعمال) و "ذا نيتويرك" (تحالف عالمي يضم أكثر من 50 موقعاً رائداً للتوظيف) آخر استبيان مشابه. ويعتبر هذا التراجع في الحماس للهجرة أحد النتائج الأكثر إثارة للدهشة في الدراسة، والتي أجريت في ظل تصاعد الجدل حول الهجرة والتجارة في العديد من البلدان.

ويبدو أن تصاعد الجدل حول هذه المسائل قد أثر في تفكير الأشخاص، الذين شملهم الاستبيان، حول العديد من وجهات العمل التقليدية الأمر الذي أدى إلى زيادة شعبية بعض الوجهات وتراجع شعبية بعض الآخر لدى الباحثين عن عمل حول العالم، حتى أن الدول التي لم يتغير تصنيفها العام قد خضعت لإعادة تقييم لدى المهاجرين المحتملين في مناطق معينة.

على سبيل المثال، على الرغم من أن الولايات المتحدة لا تزال، بشكل عام، الوجهة الأكثر شعبية في العالم، إلا أنها الآن أقل جاذبية -وسط تقلب سياساتها الوطنية -لدى الناس في المكسيك وأكثر من عشر دول أخرى بعد أن كانت في السابق الخيار رقم واحد.  

العوامل التي تؤثر في التصنيف

يأتي تقدم ألمانيا إلى المركز الثاني في الوقت الذي أصبحت فيه دول أوروبية أخرى -لا سيما بريطانيا وسويسرا -أكثر حذراً بشأن مسألة الهجرة. وقد جعل ذلك ألمانيا، مع انفتاحها النسبي، في موقع أكثر ملاءمة وعزز تفوقها في التصنيف العالمي على منافساتها من الدول الأوروبية. وتتقدم ألمانيا الآن عن المملكة المتحدة بثلاثة مراكز وعن فرنسا بخمسة مراكز وعن سويسرا بستة مراكز وعن إيطاليا بسبعة مراكز.

وقال راينر ستراك، أحد المشاركين بإعداد الدراسة وشريك مفوض في مجموعة بوسطن كونسلتينج جروب: "تتحول ألمانيا إلى مركز جاذب للمواهب، ويأتي تصنيفها في المرتبة الثانية كأكثر الوجهات الجاذبة للعمالة كدليل قوي على ذلك. وتأتي ألمانيا أيضاً في المرتبة الثانية للأشخاص دون سن الثلاثين، والأشخاص الحاصلين على شهادات الماجستير والدكتوراه، إضافة إلى الأشخاص الذين يمتلكون خبرات رقمية. وتعد هذه المواهب بمثابة الفئات التي ترغب بها كل الدول ولها أهمية خاصة في ألمانيا بسبب التحديات الديموغرافية لا سيما فيما يتعلق بنسبة السكان المسنين".

ولم تكن ألمانيا، كدولة، الوحيدة التي عززت موقعها كوجهة مفضلة للعمل، إذ أظهر الاستبيان تعزيز برلين لموقعها كمركز عالمي جديد، والتي تعتبر الآن ثالث أكثر المدن شعبية للعمل، صاعدةً من المركز السادس في عام 2014.

وقد يفسر التغيير السياسي أيضاً التصنيف المتراجع للمملكة المتحدة مقارنة بالترتيب الذي حصلت عليه في عام 2014، حيث تراجعت من المرتبة الثانية إلى الخامسة بين وجهات العمل الأكثر تفضيلاً.

وقال مايك بوكر، العضو المنتدب لـ"ذا نيتويرك" وأحد المشاركين بإعداد التقرير: "إن اتخاذ قرار بمتابعة العمل في بلد جديد أمر شخصي للغاية. لكن هناك أيضاً عوامل أخرى مؤثرة، بما في ذلك عدم اليقين بشأن سياسة الحكومة المستقبلية. ومن المثير للاهتمام أننا وجدنا أن المدن يمكن أن يكون لها سمعة وجاذبية تميزها عن سمعة وجاذبية البلد ككل، وهذا ما رأيناه في المملكة المتحدة. في حين أن عدم اليقين في المملكة المتحدة ربما كان أحد الأسباب التي أدت إلى تراجع شعبية البلاد بين العمال الدوليين، إلا أن لندن لا تزال المدينة الأكثر جاذبية للمواهب في جميع أنحاء العالم".

وحلت نيويورك في المرتبة الثانية كأكثر الوجهات الجاذبة للعمالة بين المدن بعد لندن ومتقدمةً على برلين التي جاءت ثالثاً، مما يدل على تفضيل العمالة للمدن الشهيرة في الغرب. لكن بحسب الاستطلاع هناك مدن جديدة في مناطق أخرى بدأت تجذب الانتباه، حيث حلت دبي (المدينة الأكثر اكتظاظاً بالسكان في دولة الإمارات العربية المتحدة) في قائمة الوجهات العشر الأكثر جذباً للعمالة في العالم، إضافة إلى تقدم أبو ظبي بشكل حاد في التصنيف العالمي. وتعد هونغ كونغ أيضاً إحدى المدن غير الغربية التي زادت شعبيتها في السنوات الأربع الأخيرة.

الرغبة بالانتقال... أين ارتفعت وأين انخفضت؟

يتضح تراجع الرغبة في الانتقال للعمل في الخارج بشكل خاص في بعض الاقتصادات الناشئة. على سبيل المثال، يرغب 33٪ فقط من الصينيين الآن بمغادرة بلادهم للعمل. ويمثل هذا انخفاضا كبيراً مقارنة بالعام 2014، عندما كانت نسبة الراغبين بالانتقال للعمل خارج الصين حوالي 61 ٪، في حدود بضع نقاط مئوية من المتوسط ​​العالمي. ويعتبر العمال الصينيون الآن من الأقل رغبةً بالانتقال للعمل خارج بلدهم بين الـ 197 دولة التي شملها الاستبيان.

كما أن العمال في كل من بولندا وكرواتيا وسلوفينيا ورومانيا هم الآن أقل من المتوسط العالمي للانتقال للعمل خارج البلاد بعد أن كانت هذه الدول أعلى من المتوسط العالمي بفارق كبير في عام 2014. وتعتبر هذه الدول من بلدان أوروبا الوسطى والشرقية التي تحسنت اقتصاداتها، مما خلق فرص عمل أفضل بكثير للناس الذين يعيشون فيها.

وبتوضيح العوامل المعقدة للتنقل، حددت الدراسة أيضاً بعض الدول ذات الكثافة السكانية العالية التي يرغب العاملين فيها بشكل أكبر بالانتقال للعمل في الخارج مقارنة عما كان عليه الحال قبل أربع سنوات، ومن هذه الدول الهند والبرازيل، وكذلك الأمر بالنسبة للناس في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة، حيث قد يكون الانفتاح الأكبر على الهجرة عاملاً جيوسياسياً بحد ذاته.

وهناك أيضا أنواع من العمال الذين يكون استعدادهم للانتقال للعمل في الخارج أعلى من المتوسط. على سبيل المثال، عبَر 67٪ من الأشخاص الذين يمتلكون خبرة في مجالات مثل تصميم واجهات المستخدم، وتطوير تطبيقات الهاتف المحمول والذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي، عن استعدادهم للانتقال إلى بلد جديد للحصول على الوظيفة المناسبة. ويمثل ذلك حوالي 10 نقاط مئوية أعلى من المتوسط ​​العالمي.

التركيز على العلاقات والتوازن بين العمل والحياة اليومية

وبالإضافة إلى التحولات في الرغبة بالعمل في الخارج، يسلط الاستبيان الضوء أيضاً على واقع آخر للشركات: التأكيد على تمتع العمال حول العالم بعلاقات جيدة مع الزملاء والمديرين إضافة إلى التركيز على المسائل المتعلقة بالتوازن بين العمل والحياة اليومية لم يتغير التركيز على هذه العناصر الوظيفية -مقابل التعويض المالي، الذي يحتل المرتبة الثامنة بين جميع عوامل الرضا الوظيفي في العالم -منذ استبياننا الأخير في عام 2014. وسيجبر ذلك الشركات على إجراء تغييرات إذا ما أرادت مواصلة اكتساب المهارات وجذب المواهب التي تحتاجها في المستقبل، كما أشار مؤلفو التقرير.

ومع ذلك، هناك اختلافات في عوامل الرضا الوظيفي حسب البلد والمنطقة. على سبيل المثال، لا يشكل الأمن الوظيفي عموماً مصدر قلق كبير في دول أوروبا الغربية، حيث تكون قوانين حماية العمال شائعة إلى حد كبير، لكن ذلك يمثل مصدر القلق الأول في إندونيسيا وماليزيا.

وبالمثل، فإن التطور الوظيفي لا يمثل أهمية كبيرة في قائمة الأشخاص في العديد من الاقتصادات الناضجة، لكنه يشكل أولوية بالنسبة للأشخاص في البلدان التي لاتزال اقتصاداتها وممارساتها التجارية في مرحلة نضج مبكرة، بما في ذلك الصين والهند والمغرب وتركيا. وبالإضافة إلى التقرير الخاص بالاتجاهات العالمية، نشرت مجموعة "بي سي جي" و"ذا نيتويرك" تقارير مفصلة حول بيئات وحالات العمل المتغيرة في ثمانية بلدان: الصين، فرنسا، ألمانيا، روسيا، سويسرا، تركيا، المملكة المتحدة، والولايات المتحدة. يمكن تنزيل نسخة كاملة عن هذا التقرير من هنا.

توفر البيانات الشاملة التي تم جمعها من أجل "استشكاف توجهات المواهب العالمية لعام 2018"، رؤى حول توجهات العمال حسب الجنس والحالة الزوجية ومستوى التعليم ومستوى المرتب ومستوى المهارات الرقمية والتسلسل الوظيفي. وستكون هذه البيانات في صميم سلسلة من المنشورات الإضافية التي تنبثق عن تقرير "استكشاف توجهات المواهب العالمية للعام 2018" والتي ستنشرها "بي سي جي" و"ذا نيتويرك"  في الأشهر القادمة.

أخبار مرتبطة