"بوسطن كونسلتينج" : الإمارات تتفوق على العديد من الدول في الدخل والبنية التحتية

الثلاثاء 14 أغسطس 2018
ألكسندر توربيتز، شريك ومدير مفوَض لدى "مجموعة بوسطن كونسلتينج جروب"، الشرق الأوسط
دبي - مينا هيرالد:

وضع تقرير جديد أصدرته مجموعة بوسطن كونسلتينج جروب، مؤخراً، دولة الإمارات العربية المتحدة في فئة الدول المتقدمة في مجال الرفاهية الاجتماعية على مستوى العالم. وأشار التقرير الذي حمل عنوان "تحقيق التوازن بين الرفاهية الاجتماعية والنمو الاقتصادي: تقييم التنمية الاقتصادية المستدامة 2018" إلى أن دولة الإمارات حققت تقدماً على نظيراتها من الدول الخليجية والكثير من دول العالم في عدة مجالات كالبنية التحتية والحوكمة، إلَا أنها شهدت تراجعاً في تصنيفها في مجال التعليم.

وخلُص التقرير إلى أن الدول الأكثر ثراءً تحظى بمستويات عالية من الرفاهية، مبيناً أن مؤشر الرفاهية في دولة الإمارات جيد بشكل عام ولكنه يشهد تراجعاً طفيفاً. وجاءت الإمارات دون المتوسط العالمي فيما يتعلق بالاستفادة من الثروات لتحقيق الرفاهية. ومقارنةً بالدول التي تمتلك معدلات مماثلة من الرفاهية، حلَت دولة الإمارات في الفئة الثالثة الخاصة بالدول التي شهدت تغيراً ملحوظاً.

وتأتي نتائج هذه الدراسة متعارضة مع الفكرة التقليدية التي تُفيد أن على الدول إجراء مقايضة بين السياسات التي تدعم النمو الاقتصادي وتلك التي ترتقي برفاهية مواطنيها. وكشف البحث، الذي استند إلى التقييم الذي أجرته مجموعة بوسطن كونسلتينج جروب تحت عنوان تقييم التنمية الاقتصادية المستدامة (SEDA) والذي يعد بمثابة أداة تشخيص شاملة لتقييم معدلات الرفاهية في الدول، عن وجود صلة وثيقة بين الرفاهية والنمو حيث أن ازدهار أحد هذين العنصرين يؤثر إيجاباً في الآخر.

وقال جواو هروتكو، شريك مفوَض لدى بوسطن كونسلتينج جروب ومشارك في إعداد التقرير: "كانت مجموعة بوسطن كونسلتينج جروب ولا زالت تدعم بقوة ضرورة تركيز الدول سياساتها واستراتيجيات التنمية لديها نحو تعزيز رفاهية المجتمع، لكن مازال هناك اعتقاد بأن مثل هذه السياسات الهادفة إلى تحسين مستوى الرفاهية قد تؤدي إلى تراجع نمو الناتج المحلي الإجمالي. وخلُص تحليلنا إلى أن بإمكان الدول تجنب مثل هذه المقايضة المفترضة، حيث أن اتباع نهج يوازن بين الرفاهية الاجتماعية والنمو الاقتصادي في الظروف العادية من الأمور التي يُنصح بها بشدة ومن المهم اتباع مثل هذا النهج في أوقات الأزمات. وفي مثل هذه الأوقات يتعين على الدول تجنب اتباع السياسات التي تهدف إلى تعزيز النمو الاقتصادي على حساب الرفاهية الاجتماعية".

تتمتع دولة الإمارات بوضع جيد للغاية وتتحسن في مجالي البنية التحتية والتوظيف، وعلى الرغم من تصنيفها المنخفض نوعاً ما فيما يتعلق بالصحة والاستقرار الاقتصادي والحوكمة إلَا أنها تشهد تحسناً ملحوظاً في هذه المجالات. في المقابل، تتمتع الدولة بمستوى جيد مع تراجع طفيف في مجال الدخل، إلا أنها لا تزال تتفوق على نظيراتها من الدول العالمية في هذا المجال. ولكن الدراسة تظهر تسجيل الإمارات تراجعاً في تصنيفها في مجالات أخرى كالتعليم والمساوة في المجتمع المدني والبيئة.

وأفاد ألكسندر توربيتز، شريك ومدير مفوَض لدى "مجموعة بوسطن كونسلتينج جروب"، الشرق الأوسط: "مقارنة مع نظيراتها من دول الخليج، لا تزال الإمارات تتفوق في كل المجالات باستثناء التعليم وبدرجة أقل مجالي الصحة والاستقرار الاقتصادي. وبالنسبة للدول التي شهدت ارتفاعاً نسبياً بمعدلات الرفاهية مؤخراً، تشير تحليلاتنا إلى أهمية منح مجالي التعليم والتوظيف أولوية قصوى، حيث أن تحقيق تقدم في هذين المجالين من شأنه أن يساهم بإعداد المواطنين - والمجتمع ككل - بشكل أفضل لمواجهة التحديات المتمثلة بالعولمة والتحولات التكنولوجية المستمرة".

أداء دولة الإمارات العربية المتحدة على مدى العشر سنوات الأخيرة

وأضاف توربيتز "تراجع أداء دولة الإمارات بمجالين اثنين في التصنيفات الخاصة بتقييم التنمية الاقتصادية المستدامة بين أعوام 2009 و2018. وبغض النظر عن هذا التراجع فإن قدرة الدولة على الاستفادة من الثروات لتحقيق الرفاهية ظلت ثابتة نسبياً وبقيت دون المتوسط العالمي على مدى العشر سنوات الأخيرة".

شهدت دولة الإمارات، على مدى العقد الماضي، تحسناً قوياً في مجال البنية التحتية بمعدل 18 نقطة، متبوعاً بمجالي الاستقرار الاقتصادي والحوكمة عند 8 نقاط ومجالي التوظيف والبيئة عند 3 نقاط لكل مجال إضافة إلى مجال الصحة عند نقطتين. وشملت المجالات التي شهدت تراجعاً في الدولة؛ المساواة والمجتمع المدني عند نقطتين سلبيتين والدخل عند 4 نقاط سلبية والتعليم عند 9 نقاط سلبية.

 التصدي للعوائق التي تحول دون تحقيق التقدم

سلط التقرير الضوء على المجالات أو "الأبعاد" التي تبدو ذات أهمية حاسمة لإحراز التقدم المنشود في الدول مقارنة بنظيراتها، وكيف يمكن أن تختلف أهمية المجال تبعاً لمستوى التنمية في الدولة المعنية.

  • من بين الدول التي تبدأ بمستوى منخفض في الرفاهية، تشمل المجالات التي تميز تلك التي حققت تحسينات كبيرة في الرفاهية مقارنة بالدول الأخرى؛ التعليم والبنية التحتية والحوكمة.
  • من بين الدول ذات المستويات العالية في الرفاهية، تشمل المجالات التي تميز الدول التي حققت تحسينات طفيفة في الرفاهية عن تلك التي حققت تقدماً جيداً؛ التوظيف والتعليم.

وبكل تأكيد لا يوجد برنامج عمل موحد لتحقيق التنمية إذا أن ظروف كل دوله تقتضي استجابات وسياسات مختلفة. ومع ذلك، فإن هذه النتائج تمنح صناع السياسات رؤية مهمة: حيث أن الأبعاد التي تميز الدول التي حققت أداءً أفضل يمكن أن تصبح نقاط ضعف تعوق مساعي التقدم إذا ما تم إهمالها وتجاهلها.

مستوى الرفاهية يتحسن حول العالم

يُقيّم تحليل بوسطن كونسلتينج جروب لعام 2018 الاتجاه العام للرفاهية المطلقة في جميع أنحاء العالم من خلال تحليل بيانات 40 مقياساً تشكل المقاييس العامة لتقييم التنمية الاقتصادية المستدامة العالمي – حيث يقدم التحليل نتائج تدعو للتفاؤل.

وأشار إنريك رودا - ساباتر، استشاري أول لدى مجموعة بوسطن كونسلتينج جروب ومشارك في إعداد التقرير: "بالنظر إلى العشر سنوات الأخيرة، يظهر جلياً مدى تحسن مستويات الرفاهية بشكل عام في جميع أنحاء العالم. وفي الواقع هذا أمر مشجع للغاية – لا سيما وأن هذه الفترة شهدت أزمة مالية كبرى تسببت في ركود اقتصادي في العديد من الدول".

على وجه الخصوص، تحققت نتائج إيجابية كبيرة في مجالات الصحة والتعليم والبنية التحتية من عام 2007 حتى عام 2016. على الرغم من أن الاتجاهات كانت أقل تشجيعاً في الحوكمة والبيئة، إلا أن معظم الدول أظهرت تحسناً في غالبية المقاييس الأربعين لتقييم التنمية الاقتصادية المستدامة.

أخبار مرتبطة