دبي – مينا هيرالد: أفادت النتائج الصاردة عن دراسة حديثة لـ “بين آند كومباني”، الشركة العالمية الرائدة في تقديم الاستشارات للسوق العالمية للمنتجات الفاخرة، بأنّ سوق السلع الفاخرة في العالم يستعد إلى العودة مجدداً إلى مسار النمو خلال العام الجاري. ويتوقع أن يسهم الانتعاش الصيني القوي مع ارتفاع القدرة الشرائية ضمن السوق المحلية والعالمية، إلى جانب تنامي ثقة المستهلكين في أوروبا، في دفع عجلة نمو سوق السلع الشخصية الفاخرة بنسبة بين 2 إلى 4% (وفق أسعار الصرف الثابتة) خلال العام الجاري، لتصل قيمتها إلى 289 مليار دولار. وفي الوقت الذي تتسع فيه الهوة بين الرابحين والخاسرين ضمن الأسواق العالمية، بات يتوجب على العلامات التجارية اليوم إعادة النظر باستراتيجياتها الحالية، والتركيز بشكل أكثر على التكيّف مع ما يُعرف بـ “عقلية الألفية”، في خطوة من شأنها دفع سوق السلع الفاخرة نحو تحقيق مبيعات بقيمة 323 مليار دولار بحلول العام 2020.
وتم إعداد الدراسة، الصادرة بعنوان “دراسة بين آند كومباني حول واقع سوق المنتجات الفاخرة لموسم ربيع 2017″، في إطار التعاون المشترك مع “فوندازيوني ألتاجاما”، الجمعية الإيطالية لمصنّعي السلع الفاخرة.
وقالت كلوديا داربيزيو، شريكة “بين آند كومباني” في ميلانو والمؤلفة الرئيسية للدراسة: “يمكن القول أنّ 2017 يعد عاماً واعداً للغاية، بعد التحديات الجمة التي واجهت قطاع السلع الفاخرة خلال العام الفائت، أظهر الربع الأول من العام الجاري دلائل إيجابية تعزز توقعاتنا بعودة النمو إلى المسار الصحيح. وتأتي عودة الاستهلاك إلى مستوياته الطبيعية ضمن السوق الصينية، إلى جانب النظرة التفاؤلية السائدة في أوروبا على صعيد القدرة الشرائية للمقيمين والسياح على السواء، في مقدمة العوامل الدافعة لعجلة نمو سوق السلع الفاخرة خلال الفترة المتبقية من السنة الحالية.”
الديناميكيات الإقليمية ضمن سوق السلع الفاخرة
في الأمريكيتين، واصلت سوق السلع الفاخرة في الولايات المتحدة الأمريكية التباطؤ على صعيد الأداء، وسط توقعات متضاربة للعام 2017 في ظل الظروف السائدة التي تجمع بين قوة الدولار والحالة السياسية المتقلبة التي ترافقها صعوبة في دفع نشاط المتاجر الكبرى. أما في أمريكا اللاتينية، فتحظى السوق بدعم ملموس من تنامي معدلات الاستهلاك المحلي، في حين تبقى كندا سوقاً ديناميكية نشطة على الرغم من أنها لا تزال تميل نسبياً إلى التباطؤ. ومع ذلك، تشير التوقعات إلى إمكانية تحقيق الأمريكيتين نمواً طفيفاً بمعدل يتراوح بين 0 و2% (وفق أسعار الصرف الثابتة).
ولا تزال أوروبا حالياً في مرحلة التعافي من انخفاض التدفقات السياحية في العام 2016، في الوقت الذي تواصل فيه استعادة ثقة المستهلكين المحليين. وتبرز إسبانيا، التي ينظر إليها كوجهة آمنة، والمملكة المتحدة، حيث الجنيه الاسترليني حالياً أضعف بكثير مقارنةً بالفترة ذاتها من العام الماضي، باعتبارها أسواقاً واعدة. وتفيد التقديرات الصادرة عن “بين آند كومباني” بأن الأسواق الأوروبية قادرة على تحقيق نمو بمعدل بين 7 و9% (وفق أسعار الصرف الثابتة).
وبالمقابل، يعيش البر الصيني الرئيسي حالة من الانتعاش الملموس، بالتزامن مع إظهار المستهلكين الصينيين اهتماماً قوياً بشراء السلع الفاخرة من السوق المحلية، والتي يُتوقع أن تسجل نمواً بمعدل بين 6 و8% (وفق أسعار الصرف الثابتة). ولكن سيبقى السياح الصينيون يستحوذون على حصة كبيرة من مشتريات السلع الفاخرة ضمن الأسواق العالمية.
وعلى الرغم من أن السوق في اليابان تتجه لتكون أكثر بطأً ونضجاً إلا أنها لا تزال سوقاً آمنة للعلامات التجارية الفاخرة. وتحظى السوق بدعم ملموس من تنامي الاستهلاك المحلي في ظل تراجع قطاع السياحة، مما أدى إلى تحقيق نمو ثابت لهذا العام.
وتشير الدراسة التي أجرتها “بين آند كومباني” إلى أن الأسواق في سائر أنحاء آسيا ما تزال تواجه العديد من الصعوبات وسط توقعات بانخفاض الاستهلاك بنسبة 2- إلى 4-% (وفقاً لأسعار الصرف الثابتة). وبينما تشهد سوق هونج كونج وماكاو وسنغافورة تحسناً ملحوظاً، تواجه سوق تايوان وجنوب شرق آسيا تراجعاً في أداء قطاع السياحة وخاصةً من الصين وكوريا الجنوبية متأثرةً بالاضطرابات السياسية المحلية.
ومن المتوقع أن تسيطر على بقية دول العالم حالة من الاستقرار أو النمو الطفيف بما لا يتجاوز 2% (وفقاً لأسعار الصرف الثابتة)، بينما تسيطر على منطقة الشرق الأوسط حالة من الركود (خارج دبي).
وقال سيريل فابر، شريك ورئيس قسم تجارة التجزئة والمنتجات الاستهلاكية في شركة “بين آند كومباني” في الشرق الأوسط: “تواجه شركات السلع الفاخرة في الشرق الأوسط، تحدياً من شقّين. فمن ناحية، تعاني السوق من انخفاض الاستهلاك في عدة قطاعات للمرة الأولى منذ عشر سنوات. ومن ناحية أخرى، تحتاج تلك القطاعات إلى والتركيز بشكل أكثر على التكيّف مع ما يُعرف بـ “جيل الألفية”، في خطوة ترمي إلى التأكد من أنها تلبي احتياجات الجيل القادم من المستهلكين”.
خمسة محاور أساسية في عام 2017
ووفقاً للدراسة التي أعدتها “بين آند كومباني”، فإن هناك خمس موضوعات رئيسية من شأنها أن تدفع عجلة النمو في سوق السلع الفاخرة الشخصية وهي: مشهد السوق الأمريكي، ارتفاع القدرة الشرائية ضمن السوق المحلية والعالمية (ومعظمها في أوروبا)، التأثير المتنامي للتكنولوجيا الرقمية، واتساع الفجوة بين الرابحين والخاسرين إضافةً إلى الموجة الجديدة من المستهلكين من جيل الألفية.
وضع السوق في الولايات المتحدة: لا تزال الولايات المتحدة وهي أكبر سوق للسلع الفاخرة الشخصية، تواجه مجموعةً من معوقات النمو وأبرزها التباطؤ في قطاع السياحة، والمناخ السياسي المضطرب والتوقعات بتراجع أداء المتاجر الكبرى وهي جميعها عوامل تؤثر بشدة في نمو العلامات التجارية الفاخرة التي تحتاج إلى استراتيجية ممتازة وخطة تنفيذ تركز على تعزيز الولاء وإرضاء العملاء المحليين.
توقعات السوق الصينية: يساهم انخفاض فروق الأسعار فى الصين في ازدهار السوق المحلية بينما تستفيد أوروبا من مكانتها كوجهة جذابة للسائحين الصينيين.
المتاجر الإلكترونية ومتاجر السلع المخفّضة في الصدارة:”تؤكد “بين آند كومباني” أن زخم التحول الرقمي ما يزال أحد العوامل المؤثرة في إعادة صياغة مستقبل قطاع السلع الفاخرة، وسط التوقعات بأن يتحول قطاع التسوق عبر الإنترنت إلى القناة الرئيسية الرائدة محققاً أعلى معدلات النمو خلال السنوات القادمة، تليه متاجر السلع المخفّضة. وبالمقابل، تشكل المتاجر أحادية العلامات التجارية خياراً ملائماً لطرح العلامات التجارية الفاخرة، على الرغم من أن تأثيرها قد يقترب من الحد.
الرابحون الكبار مقابل الخاسرين الأقوياء: تركز الدراسة التي أجرتها “بين آند كومباتي” على أن التوجه إلى التمحور، هو سمة بارزة في العصر “الجديد العادي” حيث تظهر بشكل أكثر وضوحاً في الأشهر الأولى من عام 2017 مع اتساع الفجوة بين الرابحين والخاسرين.
عقلية الألفية: يتطلب النجاح خلال العقد المقبل من العلامات التجارية أن تركز بشكل أكبر على عملائها من خلال توقع احتياجاتهم بشكل أفضل وتلبيتها. يعتبر الجيل الأصغر مفتاحاً لتحقيق هذه الغاية إذ أن جيل الألفية وجيل زد (Gen Z) سوف يستحوذان على 45% من سوق السلع الفاخرة الشخصية العالمية بحلول عام 2025. ومع ذلك، عند تحليل سلوكيات المستهلك، من الأصح التركيز أكثر على “عقلية الألفية”، التي تتغلغل بشكل متزايد في جميع الأجيال، لتصبح بالتالي ظاهرةً نفسية أكثر منها ظاهرة ديموغرافية بحتة.
وأضاف السيد فابر: ” تكون الجيل الالفية 25% من السوق حاليا، و تبرز أهمية في منطقة الشرق الأوسط. ولكن شركات السلع الفاخرة تحتاج أيضاً إلى التكيف أكثر مع انتشار “عقلية الألفية” على نطاق أوسع والتي أثرت على شريحة أوسع من المستهلكين الأكبر سناً. وبهدف تحقيق هذه الغاية لا بدّ لأصحاب العلامات التجارية من إشراك المستهلكين بطريقة فعالة عبر الإنترنت من أجل توفير تجارب أعمق والتعريف أكثر بمواصفات المنتج”.
أجندة صباح الاثنين
بالنظر إلى عام 2020، تشير توقعات “بين آند كومباني” إلى توجه السوق نحو تحقيق نمو معتدل يتراوح بين 3 و4 % سنوياً (وفقاً لأسعار الصرف الثابتة) مع ازدياد حجم السوق إلى 323 مليار دولار.
وقالت فيدريكا ليفاتو، شريكة في “بين آند كومباني” ومؤلفة مشاركة في الدراسة: “من الضرورة أن تتبع العلامات التجارية منهجاً يركّز بصورة أساسية على العملاء ومراعاة عقلية الألفية، فشراء السلع الفاخرة في يومنا هذا لا يقتصر على التوجه إلى أحد متاجر السلع الفاخرة فحسب بل أصبحت رحلة أساسها المشاركة من خلال نقاط اتصال متعددة قبل الوصول إلى نقطة البيع “.
فيما يلي عدد من النصائح التي توجهها “بين آند كومباني” إلى العلامات التجارية الفاخرة والتي من شأنها تمكين تلك العلامات من التقدم بخطوة وإطلاق إمكاناتها وقدراتها الكامنة:
– تطوير علاقات مباشرة 1:1 لتوفير احتياجات العملاء المحليين
– الارتقاء بهوية المنتج والخدمة والرسالة
– تطوير نهج توزيع شامل وإعادة تصميم رحلة العملاء
– بناء قصة حيّة وتجربة تفاعلية مع العملاء من خلال المحادثات الملهمة والتجارب
– تعزيز جميع نقاط الاتصال مع العملاء طيلة رحلة تسوقهم والعمل على إيجاد خطة تواصل مستمر ومشاركة متكاملة.